عنوان الفتوى : الختم على القلب.. علاماته.. وعلاجه.. وأنواع القلوب

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل لمن قسا قلبه أو ران على قلبه أو لمن ختم الله على قلبه من توبة ؟ أم أن الله لا يوفقه إلى التوبة؟و ما هى الأسباب المؤدية الى ذلك؟و ما هى علامت ذلك؟أريد أن أعرف جميع أنواع القلوب و صفات كل منها.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: ‏

فإن قبول الله للتوبة وغفرانه لمن تاب وأقلع ظاهراً أو باطناً لا خلاف فيه، فإن الله تعالى لم ‏يسد باب التوبة عن أحد من خلقه، ولو كافراً تاب من كفره وأسلم أو منافقاً تاب من ‏نفاقه. قال تعالى في شأن المنافقين ( إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا ‏دينهم لله فأولئك مع المؤمنين ) [النساء: 146]‏
والتوبة تأتي على كل ذنب بالغاً ما بلغ، قال تعالى: ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على ‏أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور ‏الرحيم).[الزمر:53]‏
وبالجملة فليست هناك معصية إلا ويقبل الله التوبة منها بفضله وإحسانه، كما وعد في ‏كتابه المجيد بقوله: ( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن ‏السيئات).[الشورى:25]‏
وأما الأسباب المؤدية إلى الختم على القلب والطبع عليه فهي كل ما لا يرضي الله تعالى من ‏الخطايا والمعاصي، لحديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء فإذا هو نزع واستغفر وتاب سقل قلبه وإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه وهو الران الذي ذكر الله: كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون. رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.‏
وأما علامات الختم على القلب فهي عدم استجابة الأوامر لله سبحانه وتعالى، فالقلب ‏المختوم عليه هو الذي لا يعرف ربه، ولا يعبده بأمره ونهيه، بل هو دائر مع شهوات ‏صاحبه ولذاته ولو كان فيها سخط ربه وغضبه وقد ذكر ابن القيم في إغاثة اللهفان أن ‏أنواع القلوب ثلاثة:‏
قلب سليم: وهو الذي لا ينجو يوم القيامة إلا من أتى الله به، قال تعالى: ( يوم لا ينفع ‏مال ولا بنون* إلا من أتى الله بقلب سليم ).[الشعراء: 88-89]‏
والقلب السليم هو الذي سلم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة ‏تعارض خبره، فسلم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسول الله صلى الله عليه ‏وسلم. وبالجملة فالقلب السليم الصحيح هو الذي سلم من أن يكون لغير الله فيه شرك ‏بوجه ما بل قد خلصت عبادته لله: إرادة وتوكلاً ومحبة وإنابة وإخباتا وخشية ورجاء.‏
‏(وقلب ميت) وهو المتعبد لغير الله حباً وخوفاً ورجاء ورضاً وسخطاً: إن أبغض أبغض ‏لهواه، وإن أحب أحب لهواه، وإن أعطى أعطى لهواه، وإن منع منع لهواه. فالهوى إمامه، ‏والشهوة قائده، والجهل سائقه، والغفلة مركبه.‏
‏(وقلب مريض) وهو الذي له حياة وبه علة، فله مادتان: تمده هذه مرة، وهذه مرة أخرى، ‏وهو لما غلب عليه منهما، ففيه من محبة الله تعالى والإيمان به ما هو مادة حياته، وفيه من ‏محبة الشهوات والحرص على تحصيلها ما هو مادة هلاكه وعطبه.
وأهم علاج للقلوب ‏قراءة القرآن، فإنه شفاء لما في الصدور من الشك، ويزيل ما فيها من الشرك ودنس الكفر ‏وأمراض الشبهات والشهوات، وهو هدى لمن علم بالحق وعمل به، ورحمة لما يحصل به ‏للمؤمنين من الثواب
العاجل والآجل: ( أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به ‏في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها).[الأنعام:122]‏
والله أعلم.‏