عنوان الفتوى : إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة
كنت في سفر ثم قصرت صلاة العشاء ركعتين بعد المغرب ثم طال بي الوقت إلى العشاء جماعة في حضور درس لأحد المشايخ فصليت العشاء مرة أخرى جماعة أربع ركعات فهل تصح الصلاة أفيدونا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما فعلته وهو إعادة الصلاة مع الجماعة صحيح، بل هو سنة، فإن من صلى ثم وجد جماعة تصلي فإنه يندب له أن يصلي معهم.
فعن يزيد بن الأسود العامري قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال علي بهما، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا: يا رسول الله؛ إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة. رواه الترمذي. وقال: حسن صحيح، وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري والشافعي وأحمد وإسحاق. قالوا: إذا صلى الرجل وحده ثم أدرك الجماعة فإنه يعيد الصلوات كلها في الجماعة.
وروى مالك في الموطأ عن نافع أن رجلا قال لابن عمر: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك مع الإمام أفأصلي معه؟ قال: نعم، فقال: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال ابن عمر: أو ذلك إليك؟! إنما ذلك إلى الله تعالى، يجعل أيتهما شاء.
وأما ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي عن سليمان بن يسار قال: أتيت ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلون في المسجد، قلت: ما يمنعك أن تصلي مع الناس؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تصلوا صلاة في يوم مرتين. فمعناه لا تجب الصلاة في اليوم مرتين، فلا يكون مخالفا لما سبق من استحباب إعادتها، وأما كون ابن عمر لم يعدها فإنه كان قد صلاها جماعة، ومذهبه أن من أدى الصلاة جماعة فلا يعيدها، فتبين أن ابن عمر لم يكن يرى ترك إعادة الصلاة مطلقا، والراجح أنه يعيد في الصورتين ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين الأخبار ورفعا للاختلاف بينها.
والله أعلم.