عنوان الفتوى : المضاربة تصح بالنقود لا بالعرض
عقد مضاربة تم الاتفاق عليه بتاريخ 23 / 11/ 2002 هذا ما اتفق عليه السيد عبد الحميد و زوجته السيدة صفية وهم الطرف الأول في العقد أو ما يعرف بالطرف الممول , و السيد محمد و هو الشريك المضارب, و قد تم الاتفاق على بناء عيادة في فيكتوريا. نص العقد على الشروط التالية:1. يقوم الشريك الممول بشراء قطعة الأرض و تسديد قيمة البناء الكلي للعيادة حسب تخطيط و تصميم الشريك المضارب.2. يكون الشريك المضارب مسؤولا مسؤولية كاملة عن اختيار الموقع المناسب للعيادة و القيام بإجراءات الشراء كاملة و ما يترتب على ذلك من تعاملات مع مندوبي الأراضي و محامين و مهندسين, معماريين و مصممين, وأي هيئة عامة أو خاصة لها علاقة بإجراءات البناء. كما و سيقوم الشريك المضارب كذلك بالإشراف الكامل على عملية البناء حتى المرحلة الأخيرة فيها.3. سيقوم الشريك المضارب بتجهيز العيادة و تأمين جميع مستلزماتها على نفقة الشريك الممول الذي سيقوم كذلك بإيداع مبلغ أولي لتسيير أمور ونفقات العيادة المالية اليومية.4. بعد تجهيز العيادة و قبل أن يتم تسليمها إلى الشريك المضارب لممارسة عمله فيها, يتم بين جميع الشركاء تحديد التكلفة النهائية للعيادة أو ما يسمى بثمن المضاربة أو تكلفة العيادة. 5. بعد تحديد التكلفة النهائية بين المتعاقدين يتم تسليم العيادة للشريك المضارب ( محمد) ليقوم بممارسة عمله فيها كطبيب,و الذي سيقوم بإدارة العيادة و تشغيلها إدارة تامة بدون أي تدخل من الشركاء الممولين للمشروع. 6. مدة هذا العقد 10 سنوات تحسب منذ بداية العمل في العيادة. خلال الفترة التي تسبق تملك الشريك المضارب لنصف العيادة( حسب سعر التكلفة أو ثمن المضاربة) , فقد تم الاتفاق على أن يحصل الشريك الممول على نصف قيمة الأرباح السنوية حيث لن يحصل الشريك المضارب على أي دخل خلال هذه الفترة و التي اتفق على أن تكون ثلاث سنوات بموافقة جميع الأطراف المتعاقدة. بعد أن يقوم الشريك المضارب بتسديد نصف القيمة فإن نسبة الشريك الممول من الأرباح السنوية ستنخفض إلى 25% و سيحصل المضارب على 75%. ( يقصد بالأرباح المبلغ المتبقي بعد خصم جميع نفقات و مصاريف العيادة و دفع رواتب العاملين بها) بعد انتهاء فترة العشر سنوات كاملة يقوم الشريك المضارب بتسديد نصف ثمن العيادة المتبقي و ذلك حسب سعر السوق و هذا سيتم بعد الاستعانة بخبراء الأراضي و العقار و الذين سيقومون بتخمين السعر لها في ذلك الوقت و هذا السعر سيشمل ثمن الأرض و ما عليها من بناء و اسم الشهرة كذلك. هذا و قد تم كذلك الاتفاق على الأمور التالية: 1. تأسيس شركة تسمى ( ابات) حيث يملي كل شريك نسبة الثلث. 2. يتم تسجيل الأرض و البناء تحت اسم هذه الشركة. 3. يقوم الشريك الممول بتسديد جميع الفواتير و مصاريف العيادة منذ بدء البناء و حتى تسليمها للشريك المضارب. 4. عند البدء بتشغيل العيادة فإن الشركة الأساسية ستقوم بتأجير العيادة لشركة يؤسسها الشريك المضارب بعقد إيجار ضمني ينتهي كل سنتين, و قد تم الاتفاق على أن يكون الإيجار 3000 دولار/ شهري تدفع من قبل شركة الشريك المضارب إلى شركة الشريك الممول. 5. تحسب تكاليف إنشاء الشركة الأساسية المالكة للأسهم من ضمن التكاليف الكلية للمشروع عامة. 6. لأي من الشركاء الحق بوقف الشركة في أي وقت من الأوقات 7. تعتبر الشركة لاغية بموت أحد الشركاء في حالة إيقاف عمل الشركة بطلب من أحد الشركاء و بعد حسم الثمن النهائي للبيع من ثمن المضاربة , يتم حصول كل من الشريكين على نسبة 50% من الثمن الكلي للعيادة بعد خصم جميع المصاريف و الضرائب المترتبة عليه. في حالة عدم الاتفاق على أي من الشروط يتم الرجوع للشريعة الإسلامية للحكم بين الشركاء، في حالة فسخ الشركة من أحد الشركاء فإن هذا الشريك يحصل على نسبته بدون إيقاف العمل في العيادة, و على الطرف الآخر مزاولة المهنة مع ممول آخر أو مضارب.الآن و بعد الانتهاء من بناء العيادة و تجهيزها قرر الشريك الممول ( عبد الحميد و صفية ) عدم المضي بالاتفاق مع الشريك المضارب, و الذي عرض عليه من قبل الشريك الممول أن يحصل فقط على ثمن اتعابه في بناء و تجهيز العيادة و التساؤل الآن هو الآتي: 1. ما هو حق الشريك المضارب الآن حسب الشريعة الإسلامية؟ 2. ما هي نسبته بعد أن أمضي عامين بالعمل في بناء و تجهيز العيادة و الإشراف عليها حتى اكتملت؟ مع العلم أنه سعى للحصول على أفضل سعر للأرض و الذي تضاعف الآن بالطبع بعد اكتمالها؟ علما بأن الشريك المضارب في هذه الحالة قد خسر فرصة تملكه لنصف العيادة بعد ثلاث سنوات حسب ما اتفق عليه؟ 3. هل يحق للشريك المضارب الحصول على نصف ثمن الارض و العيادة في حالة البيع؟ 4. هل يحق للمضارب الحصول على نسبة من ربح الممول نتيجة ارتفاع ثمن الأرض الان؟ هل يحق للمضارب أن يطالب ببدل لأتعابه خلال السنتين الماضيتين حتى انتهاء العيادة؟ جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالاتفاق بين من أسميتموه بالشريك الممول والشريك المضارب، لا يمكن أن يكون مضاربة، لأن المضاربة تقوم على أن يدفع طرف لآخر مبلغا من المال ليتاجر به، على أن الربح بينهما بحسب الاتفاق. ولا بد في المضاربة أن تكون على نقد، وهذا هو الصحيح عند جماهير أهل العلم، وعليه المذاهب الأربعة، قال ابن القيم في إعلام الموقعين : لا تجوز المضاربة على العرض، فإن كان عنده عرض فأراد أن يضارب عليه فالحيلة في جوازه أن يبيع العرض ويقبض ثمنه فيد فعه إليه مضاربة، ثم يشتري المضارب ذلك المتاع بالمال. وتفسد المضاربة إذا اجتمعت مع البيع أو الشركة أو الجعل أو الصرف أو المسافاة أو القرض أو النكاح، قال الشيخ ميارة يعد المسائل التي لا يصح أن يجتمع منها اثنان في عقد واحد:
عقود منعنا اثنين منها بعقدة * لكون معانيها معا تتفرق
فجعل وصرف والمساقاة شركة * نكاح قراض قرض بيع محقق.
وهذا العقد قد جمع بين المضاربة والبيع والشركة. وعليه فحقيقة ما وقع بين الطرفين هو أن الطرف الممول قد وكل الطرف الثاني في الإشراف على إنشاء المبنى المذكور، والذي يستحقه الطرف الثاني. هو أجرة مثل ما قام به من الأعمال خلال السنتين. بتقدير أهل الخبرة، وليس له غير ذلك إلا أن تطيب به نفس الممول. وما قام به الوكيل من الحصول على أفضل سعر هو مقتضى الوكالة، لأن الوكيل لا بد أن يتصرف وفقا لمصلحة الموكل. وليس له شيء في زيادة قيمة الأرض، لأن زيادة قيمة ما اشتراه الوكيل هي للموكل، وإذا باع المالك العيادة فليس للوكيل من ثمنها شيء، فضلا عن النصف. وبالمناسبة فإنا ننصح كل من يريد الدخول في عقود المضاربة والشركة وغيرهما من عقود المعاوضات أن يتفقه في أحكامها، وأن يسأل أهل العلم قبل الدخول في مثل هذه العقود، فقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا يسمح لتاجر بدخول السوق حتى يتفقه في أحكام البيع والشراء.