عنوان الفتوى : نية ترك الحرام لا تغني عن العبد المُصِرِّ شيئاً
إننا موظفون في إحدى دوائر الدولة التي تقوم بتأجير الأراضي إلى المستثمرين والتجار مقابل رسوم(مبالغ معينة)(منطقة حرة) فيقوم هؤلاء المستثمرون والتجار بتأجير الأراضي وبناء مصانع ومخازن عليها للاستيراد والتصدير ضمن عقد تأجير مع الدائرة ومن تلك المصانع تم بناء((مصانع للمشروبات الكحولية)) وهذه المشروبات تدخل إلى البلد أو تصدر إلى الدول المجاورة ويقوم الموظفون بتدقيق هذه المعاملات عند إخراج البضاعة وإدخالها إلى الحاسبة وطبعا تؤخذ رسوم تحدد بكميات البضاعة .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا مانع من العمل في هذه الدائرة التي حالها كما وصفت، إلا للموظفين الذين يقترن عملهم بأمر حرام، ومن ذلك تدقيق حسابات مصانع المشروبات الكحولية وإدخال بياناتها إلى الحاسب الآلي ونحوذلك، لأنه يعتبر نوعاً من التعاون على الإثم والعدوان، وهو محرم كما لا يخفى، لقوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}، وقد سبقت لنا عدة فتاوى بهذا الخصوص، فراجع منها الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 28330 ، 28781 ، 51006 ، ولا يغير في الحكم شيئاً كون هؤلاء الموظفين غير راغبين في هذا العمل، لأن نية ترك الحرام لا تغني عن العبد شيئاً مادام مصراً على فعله، قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ* أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ {آل عمران: 135ـ136}، وأما الرواتب التي يتقاضاها هؤلاء الموظفون فهي حرام لكونها ناتجة عن كسب حرام، ولمزيد فائدة حول هذه المسألة نوصي بمراجعة الفتويين التاليتين: 16113 ، 45011.
والله أعلم.