عنوان الفتوى : إعفاء اللحية ولبس النقاب.. أم طاعة الأهل بالتخلي عنهما
بعد التحية: زوجان متزوجان حديثاً جداً والمشكلة هي أن الزوجة قررت ارتداء النقاب والزوج أيضاً ملتح، والعائلتان ترفضان ذلك وقاطعوا الزوجين مقاطعة تامة، وطلباتهم هي أن يحلق الزوج لحيته وتخلع الزوجة النقاب وتكتفي بارتداء الخمار أو الحجاب، أي ستر الشعر فقط مع كشف الوجه، والزوجة لا تريد إغضاب أمها وحريصة على علاقاتها معها كما أن الزوج لا يريد إغضاب أبيه أيضاً، كما أنه يعمل معه، وقد اشترط والده لاستمراره في العمل أن يحلق لحيته وإن لم يحلقها فلا عمل له وهو زوج حديث ومحتاج للعمل لإعالة زوجته، فبماذا تنصح هذين الزوجين، وماذا ترى فضيلتكم أنه يتعين عليهما أن يقوما به؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فبر الوالدين من أوجب الطاعات وأعظم القربات، وقد صرحت بذلك نصوص الكتاب والسنة، قال الله تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا [الأحقاف:15]، وقال: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا [الإسراء:23].
وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذن في الجهاد، فقال له: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد. متفق عليه.
ولكن طاعة الوالدين إذا تعارضت مع طاعة الله، فإن طاعة الله أولى وأحق، روى أحمد وصححه السيوطي والهيثمي والألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. وحلق اللحية معصية، كما سبق أن بينا في فتاوى سابقة وراجع فيه الفتوى رقم: 1454.
وستر وجه المرأة عند خشية الفتنة أمر متفق على وجوبه، وعند أمنها مختلف فيه، وراجع فيه وفي أدلته الفتوى رقم: 5224.
وقد كان واجب الأهل والأحسن بهم أن يرشدوا الأولاد إلى الطاعة والتمسك بالدين؛ لا أن يقاطعوهم ويحاولوا قهرهم على المعصية، والصواب أن لا يستجيب هذان الزوجان إلى تلك الضغوط، والله تعالى سيرزقهم، قال تعالى: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [الطلاق: 2-3].
فإن لم يجد هذا الزوج وظيفة ولا وسيلة يعيل بها نفسه وزوجته، فلا بأس بأن يفعل ما يريده منه أبوه من باب أن الضرورات تبيح المحظورات، ومتى استغنى عن ذلك وجب عليه توفير اللحية، وراجع الجواب رقم: 3198.
والله أعلم.