عنوان الفتوى : ترتيب مواضع الآيات عُلم بتوقيف من النبي صلى الله عليه وسلم
إذا كان نزول القرآن غير مرتب: (آية من سورة وآيتان من سورة ثانية، وآية من سورة ثالثة ... الخ) فكيف كان الصحابة يحفظون القرآن ويتلونه في الصلاة وخارجها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينزل عليه القرآن فيذكر للصحابة مواضع الآيات التي تنزل عليه؛ فكان الصحابة -رضي الله عنهم- يتلونه هكذا، ورواه التابعون عنهم هكذا، وتناقلته الأمة بعد ذلك هكذا.
ففي المستدرك على الصحيحين للحاكم: عن ابن عباس، قال: قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، وهو ينزل عليه من السور ذوات العدد، قال: وكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من يكتب له، فيقول: «ضعوا هذه في السورة التي فيها كذا وكذا» ...
قال الحاكم:هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. وصححه الذهبي.
وعن أوس بن أبي أوس عن حذيفة الثقفي قال: كنت في الوفد الذين أتوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسلموا من ثقيف ... الحديث.
وفيه: فمكث عنا ليلة لم يأتنا حتى طال علينا ذلك بعد العشاء، قال: قلنا: ما أمكثك عنا يا رسول الله؟ قال: "طرأ عليّ حزبي من القرآن، فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه".
قال أوس: فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: نحزبه: ثلاث سور، وخمس سور، وسبع سور، وتسع سور، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من ق حتى تختم.
رواه أحمد والطيالسي وابن أبي شيبة ابن أبي عاصم وأبو داود في سننه، وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان.
وقال ابن الأنباري: أنزل الله القرآن كله إلى السماء الدنيا، ثم فرقه في بضع وعشرين سنة، فكانت السورة تنزل لأمر يحدث، والآية جواباً لمستخبر، ويوقف جبريل النبي -صلى الله عليه وسلم- على موضع الآية والسورة .... اهـ.
وقد ذكر ابن حجر في الفتح: أن جبريل كان يتعاهده كل سنة فيعارضه بما نزل عليه من الوحي من رمضان إلى رمضان.
وذكر: أن زيد بن ثابت حضر العرضة الأخيرة، وقد قام زيد بن ثابت بتكليف من أبي بكر الصديق بجمع القرآن في المصحف فجمعه -رضي الله عنه- على الترتيب الذي قرأه النبي صلى الله عليه وسلم على جبريل ...
والله أعلم.