عنوان الفتوى : القرآن الكريم نزل لجميع المكلفين هداية وتشريعا
هنالك سؤال لطالما راودني، وهو سؤال عن القرآن: فالآن ـ كما الجميع يعلم ـ بأن القرآن أنزل للإنس والجن ـ للعالمين كافة ـ ولكن عندما ترجع إلى تفسير الآيات ترى بأن هذه الآيات نزلت على أناس معينين، فهل نأخذ بالآية وعلى من أنزلت فقط؟ أم بعمومها؟ ـ لم تفهموني؟ أليس كذلك؟ سأعطيكم مثالاـ وليس هو ما أسأل عنه ـ ولكن بوجه عام، فلدينا في سورة البروج قوله تعالى: إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبو فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق. رجعت لكتاب التفسير وعلمت أن هذه الآية نزلت في أصحاب الأخدود عندما كانوا ينوون أن يحرقو المؤمنين والمؤ منات إن لم يرتدوا عن دينهم ـ إذاً ـ فهل هذه الآية تؤخذ ـ بضم الياءـ على أنها فقط لأصحاب الأخدود؟ أم لكل من يحاول فتنة المؤمنين والمؤمنات؟ وعلى ذلك باقي القرآن، أرجو التفصيل في ذلك والتبسيط. رزقكم الله الشرب من أنهار جنة الفردوس.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فكما أشارت السائلة الكريمة فإنه لا شك أن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم عامة ـ للناس كافة ـ وأن القرآن الكريم نزل لهداية جميع المكلفين ـ إنساً وجناً ـ فقد انقطع وحي السماء وهدي الأنبياء بعده صلى الله عليه وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فلا نبي بعده ولا كتاب، ولذلك، فإن جميع المكلفين -على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وأجناسهم وفي أي عصر يأتي أو أي مصر من أنحاء المعمورة - مخاطبون بما جاء فيه بغض النظر عن سبب نزوله أو مكانه، وهذا ما أكده العلماء بقولهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ـ ولذلك فإن كل من فتن مؤمناً ولم يتب من ذلك فإنه ينطبق عليه عموم الآية وما جاء فيها من الوعيد، وكثير من الأحكام الشرعية مبنية على هذه القاعدة، كما هو مقرر في أصول الفقه وهو ما فهمه الصحابة والسلف الصالح من هذه الأمة، ولذلك فلا داعي للحيرة أوالتردد، وللمزيد من الفائدة انظري في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 68832، 76599، 38050.
والله أعلم.