عنوان الفتوى : حكم من خير امرأته بالطلاق في مدة محددة
فضيلة الشيخ ما حكم هذه المرأة التي اتفقت مع زوجها الذي سافر عنها لمدة أكثر من ستة أشهر أنه إذا لم يرجع في يوم ما حددوه أنها تطلق عنه ، وقال لها بإمكانك أن تتزوجي إذا لم آت في الوقت الذي حددناه. هل هذا الطلاق يعتبر بينونة صغرى أو هو الطلاق الذي فيه الرجعة، وإذا رجع الزوج بعد فوت هذه المدة هل له حق في رجعتها. أفتونا مأجورين وجزاكم الله خيرا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإذا كان مقصود هذا الرجل تعليق طلاق امرأته بانقضاء هذه المدة من غير عودته فإن كان الأمر كذلك فإن هذه المرأة تطلق بمجرد مضي هذه المدة من غير قدوم زوجها لأن هذا من الطلاق المعلق، قال ابن قدامة في المغني: وإذا علق طلاقها على مستقبل... إلى أن قال: فإذا جاء الزمن الذي علق الطلاق به وهي في حباله وقع الطلاق.
أما إن قصد تخيير امرأته في الطلاق وعدمه بعد انتهاء المدة المذكورة فذلك شيء يرجع إلى هذه المرأة، فإن اختارت البقاء في عصمة زوجها فلا إشكال، وإن اختارت الطلاق فلها ذلك، وعلى كلا الاحتمالين فإن الطلاق في الأول يعد رجعيا إذا كان هو الأول أو الثالي ويجوز له ارتجاع زوجته مادامت في العدة، أما إن جاء بعد انقضاء العدة فهو من جملة الخطاب تقبله المرأة وأولياؤها أو يرفضونه.
أما في حال اختيار المرأة للطلاق فإن أهل العلم اختلفوا هل يعتبر ذلك طلقة واحدة رجعية؟ وإليه ذهب أكثرهم، أم واحدة بائنة، أم ثلاثة في المدخول بها؟ وإليك بيان هذا من كلام أهل العلم من كتاب المغني لابن قدامة حيث قال: المملكة والمخيرة إذا قالت اخترت نفسي فهي واحدة رجعية، روي ذلك عن عمر وابن مسعود وابن عباس وبه قال عمر بن عبد العزيز والثوري وابن أبي ليلى والشافعي وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور، وروي عن علي أنها واحدة بائنة وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. إلى أن قال: وعن زيد بن ثابت أنها ثلاث، وبه قال الحسن ومالك والليث، إلا أن مالكا قال: إن لم تكن مدخولا بها قبل منه إذا أراد واحدة أو اثنتين. وقال ابن جزي الكلبي في القوانين الفقهية: وأما التخيير فهو أن يخيرها بين البقاء معه أوالفراق فلها أن تفعل من ذلك ما أحبت، فإن اختارت الفراق كان طلاقها بالثلاث، فإن قالت اخترت واحداة أو اثنتين لم يكن لها وسقط خيارها إلا أن يخيرها في طلقة واحدة أو طلقتين خاصة فتوقعها.اهـ