عنوان الفتوى : وجوب اجتناب مجالس التداعي للعدوان والانتصار للعصبيات
في مجتمعنا البدوي هناك النزعة القبلية وحمية الجاهلية. وفي يوم حدثت مشكلة مع أقارب لنا من عشيرتنا مع طرف آخر؛ فذهبت مع أقاربي من أجل المشكلة واجتمع أقاربنا وكانوا مستعدين للقتال، وخرجوا من بيوتهم لشن هجوم على الطرف الآخر، وبقيت أنا في مكان التجمع لم أخرج معهم.
وبعد أن شنوا الهجوم رجعوا لمكان تجمعهم فقلت لأحدهم: (الله يعطيكم العافية) وما إن وصلوا حتى أعلن الناس أن هناك إصابات في الطرف الثاني، وأنه يوجد قتيل من طرف ثالث لا علاقه له بالمشكلة (من غير قصد).
فهل علي إثم على حضوري مع عشيرتي في مثل هذه المواقف؟ وهل علي من إثم القاتل شيء، علما أني لم أساعدهم بشيء في حينها، ولا أعلم من هم الأشخاص الذين شنوا الهجوم من عشيرتنا، وما إن علمنا بمقتل الرجل حتى تغيرت وجوهنا حزنا وندامة.
أفيدوني بارك الله فيكم؟
وما الواجب علي في هذه الحالة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس عليك شيء من إثم القتل، ولا يلزمك شيء.
وأما شهود الاجتماع مع قبيلتك: فإن كنت تعلم أن الاجتماع لأمر محرم شرعا -كالتداعي للعدوان والانتصار بالباطل- ولم تنكره فإنك تأثم على ذلك. لأن الجلوس معهم وتكثير سوادهم في مثل تلك المناسبات يعتبر رضا بما اجتمعوا عليه، وإعانة عليه؛ وقد نهى الله تعالى عن التعاون على الاثم والعدوان فقال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}.
وجاء في تفسير القرطبي عند كلامه على آية النساء: فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ {النساء: 140}: (فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره) أي غير الكفر. (إنكم إذا مثلهم) فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم، والرضا بالكفر كفر، قال الله عز وجل: (إنكم إذا مثلهم).
فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها، فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. اهـ.
والله أعلم.