عنوان الفتوى : عدم استعمال الصديق في قضاء الحاجات الشخصية أولى
أنا مقيم في بلاد الغرب ولي أخ يحبني كثيرا في الله وأنا كذلك، ولم أر منه إلا الحرص على تعلم وتطبيق دينه ونصحي في ديني، أخي هذا لا يتردد في بذل قصارى جهده كلما طلبت منه العون في أمور ديني ودنياي، ويقول لي بأن ذلك يدخل السرور في قلبه، بصراحة أنا استثقل طلب العون منه، على حاجتي إليه، وذلك حتى لا أثقل عليه وأيضاً خوفا من مخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا استعنت فاستعن بالله)، فسؤالي: هل يجوز أن أستعين بأخي على قضاء شؤوني، وخاصة أنه سندي في الغربة أم أن ذلك مخالف للحديث المذكور، وهل من الأفضل لي عدم طلب العون والتشدد على نفسي، وهل إذا نويت بطلب العون من أخي إدخال السرور على نفسه أكون مأجوراً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد حث الإسلام على مكارم الأخلاق ودعا إلى حفظ ماء الوجوه وصونها عن ذل المسألة، يدل على هذا ما أخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود عن عوف بن مالك قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة أو ثمانية أو تسعة فقال: ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا حديث عهد ببيعة، فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: ألا تبايعون رسول الله فقلنا قد بايعناك يا رسول الله، ثم قال: ألا تبايعون رسول الله قال فبسطنا أيدينا وقلنا قد بايعناك يا رسول الله فعلام نبايعك، قال: أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً والصلوات الخمس وتطيعوا وأسر كلمة خفية ولا تسألوا الناس شيئاً، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدا يناوله إياه.
وأشد أنواع السؤال ما تعلق بالمال، بل ربما كان حراماً إذا لم يكن صاحبه في حاجة ملحة، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 9845.
وعلى كل فإن كان ذلك لحاجة فلا حرج فيه، وليس فيه تعارض مع الاستعانة المذكورة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: وإذا استعنت فاستعن بالله. رواه الترمذي، بشرط كون الأمر المستعان فيه مما يقدر عليه العبد، كما هو مفصل في الفتوى رقم:36008 .
وعلى هذا فامتناعك عن طلب العون من صديقك هذا أو غيره أولى لأنه أحفظ لماء الوجه، إلا أن دعت حاجة إلى ذلك فلا حرج، خصوصاً إن كان المسؤول معروفاً بالصلاح والكرم وحب مساعدة إخوانه، وهذا بحمد الله ما ذكرته عن زميلك الطيب الذي قل مثله في هذا العصر.
وإن نويت بذلك إدخال السرور على صديقك -كما ذكر- كنت مأجوراً على ذلك إن شاء الله تعالى.