عنوان الفتوى : وجدت قطعة ذهبية قبل سنوات طويلة ولم تعرِّفها لكن تصدقت بثمنها فهل تنتفع بها؟
وجدت جدتي قطعة ذهبية منذ حوالي 20 سنة، ولم تقم بتعريفيها؛ لصعوبة تعريفيها آنذاك، ثم تصدقت بثمنها بعد حوالي سنة، وحتى الآن معها هذه القطعة، فماذا يجب عليها الآن؟
الحمد لله.
أولا:
من وجد لقطة لها قيمة واعتبار عند أوساط الناس، وجب عليه تعريفها مدة عام، فإن لم يأتِ صاحبها، ملكها ملتقطها، لكن إن جاء صاحبها يوما من الدهر ضمنها له.
وأما اللقطة الحقيرة التي لا يهتم أصحابها بها، كالنقود القليلة: فهذه تملك من غير تعريف.
والأصل في ذلك: ما روى البخاري (91)، ومسلم (1722) عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ: " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ اللُّقَطَةِ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا أَوْ قَالَ وِعَاءَهَا وَعِفَاصَهَا ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً ، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ .
وفي رواية لمسلم: " سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ اللُّقَطَةِ، الذَّهَبِ، أَوِ الْوَرِقِ؟ فَقَالَ: اعْرِفْ وِكَاءَهَا وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَكَ، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ فَأَدِّهَا إِلَيْه .
وعليه ؛ فقد أخطأت جدتك في عدم تعريف اللقطة، وعليها أن تتوب إلى الله تعالى من ذلك.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/77): " إذا أخر التعريف عن الحول الأول، مع إمكانه أثم؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر به فيه، والأمر يقتضي الوجوب. وقال في حديث عياض بن حمار: لا يكتُم ولا يُغيّب ، ولأن ذلك وسيلة إلى أن لا يعرفها صاحبها، فإن الظاهر أنه بعد الحول ييأس منها، ويسلو عنها، ويترك طلبها.
ويسقط التعريف بتأخيره عن الحول الأول، في المنصوص عن أحمد؛ لأن حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأول" انتهى.
ثانيا:
من أخر تعريف اللقطة عن الحول الأول، لم يملكها بعد ذلك، وهل له أن يتصدق بها أو يحبسها عنده أبدا؟ على روايتين عن الإمام أحمد.
قال في "كشاف القناع" (4/ 217): " (ولو أخر) الملتقط (التعريف عن الحول الأول) أثم، وسقط (أو) أخره (بعضه) أي: بعض الحول الأول (أثم) الملتقط بتأخيره أي: التعريف؛ لوجوبه على الفور كما تقدم، (وسقط) التعريف؛ لأن حكمة التعريف لا تحصل بعد الحول الأول.
فإذا تركه في بعض الحول عرف بقيته فقط ...
(ولا يملكها) أي: اللقطة إذا لم يعرفها في الحول الأول (بالتعريف بعد الحول الأول) ؛ لأن شرط الملك التعريف فيه، ولم يوجد.
وهل يتصدق بها أو يحبسها عنده أبدا ؟ على روايتين" انتهى.
وإذا كانت جدتك قد تصدقت بثمن قطعة الذهب، فالذي يظهر أن لها الانتفاع بالذهب، استعمالا أو بيعا، لأنها تصدقت بقدر الواجب، فلا يلزمها أكثر من ذلك، لكن إن جاء صاحبها، خيّرته بين أخذ ذهبه أو إمضاء الصدقة عنه.
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " إنني منذ فترة طويلة كنت أرعى الغنم وجاء بين غنمنا عناق فذبحتها أنا وراع معي وأكلناها، ثم بحثنا عن صاحبها لنعطيه ثمنها فلم نجده، وثمنها في ذلك الوقت يصل إلى خمسة وعشرين جنيها سودانيا؛ فكيف توجهوننا الآن جزاكم الله خيرا؟
الجواب: عليك أن تتصدق أنت وصاحبك بقيمتها، بالنية عن صاحبها، إذا كانت المدة طويلة.
أما إذا كانت المدة قصيرة، فعليك تعريفها سنة كاملة، تقول: من له العناق من له العناق في مجامع الناس لعلها تعرف، فمتى عرفها أحد فأعطوه قيمتها، وإذا لم تعرف فلا شيء عليكم.
وأما إن كانت المدة طويلة وقد فات وقت التعريف، وقد نسيها صاحبها، أو ذهب عن المكان أو ما أشبه ذلك، فالأحوط لك ولصاحبك أن تتصدقا بقيمتها، بالنية عن صاحبها" انتهى من "فتاوى ابن باز" (19/ 435).
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |