عنوان الفتوى : أعطت لقريبتها من مال أولادها ولم تقل لها إنه قرض، فاعتبرته القريبة مساعدة وهبة

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

أعطيت خالتي مبلغًا من المال، لكي أساعدها، لأن زوجها قد دخل السجن بسبب مبلغ كبير من المال، ولأنه كان كبيرًا في السن، ومريضًا، والوضع سيء معهم.
أعطيتها المال، لكي يخرج زوجها المسن، وهذا المال كان كل ما ادخرته في سنين لأولادي، وكل ما أملكه لهم، وكانت نيتي أن أساعدها في هذا الظرف الإنساني، إلى أن تتحسن الأوضاع معهم، فأطلب منها أن ترده، وانتظرت أكثر من عام، وكلما تواصلت معها، تشتكي ظروف مرض زوجها، والحال السيء، فأخجل أن أتكلم معها في أمر المال، إلى أن تعرض زوجي لأزمة مالية، وطلب مني المساعدة من فلوس أولاده التي معي، فتواصلت معها، وأخبرتها ما حصل، فقالت لي: إن الأحوال عندها للأسوأ، ولا تستطيع أن تفعل شيئاً، فالتزمت الصمت لسنوات أخرى، إلى أن تعرض ابني لحادث، واستلفنا المال لإجراء العملية والعلاج، فعاودت الاتصال بها، وقلت لها: إن أولادي بأمس الحاجة لمالهم في هذا الظرف، وأن تحاول أن تتصرف، ولو بجزء من المبلغ، ولكنها صدمتني بالرد هذه المرة، حيث قالت: ليس لك أي مال عندي، لأنك لم تحددي أنه دين لازم السداد، وهذا المال كان من قبيل المساعدة، والمساعدة لا توجب السداد... فهل هذا صحيح؟ مع العلم أنها تعلم أنها فلوس أولادي، وليست من مالي الخاص، وقد أخبرتها بهذا الأمر في أزمة زوجي الأولى، فلم لم تقل لي هذا الكلام! وهي تقول: إنها سالت شيخًا فقال لها هذا الرد.
وأنا لا أعلم هل الإنسان عندما يتعامل بحسن نية، ويراعي شعور الآخرين في ظروفهم هذه، يكون إنسانًا غير واضح، ولا يستحق أن يسترد أمانته، مع إني أقسمت لها أنها أمانة لأولادي، ولا يجوز أن أعطيها هبة لأحد.
أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كان المال مملوكًا لأولادك، فلم يكن لك أن تقرضيه لأحد، وأنت ضامنة لهذا المال بهذا التصرف على كل حال.

جاء في درر الحكام شرح غرر الأحكام: لا يقرض الأب مال ابنه ولا الوصي مال اليتيم. انتهى.

وقال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في مغني المحتاج: ولا يجوز لغير القاضي من الأولياء أن يقرض من مال الصبي والمجنون شيئًا إلا لضرورة كحريق ونهب، أو أن يريد سفرًا يخاف عليه فيه. انتهى.

وقد كان ينبغي أن تبيني لخالتك عند إعطائها المال؛ أنّ هذا المال قرض، حتى لا يحصل خلاف بعد ذلك في صفة قبضها له.

لكن إذا كنت دفعت إليها المال قاصدة به القرض ولم تتلفظي بلفظ يفيد الهبة، ولم تكن قرينة تدل عليها؛ فمن حقّك شرعًا استرداده، وقولك في ذلك مقدم على قولها.

جاء في مجمع الضمانات: دفع إلى آخر عينًا، ثم اختلفا، فقال الدافع: قرض وقال الآخر: هدية، فالقول للدافع. انتهى.

وقال الزركشي -رحمه الله- في المنثور في القواعد الفقهية: إذا اختلف القابض والدافع في الجهة، فالقول قول الدافع. انتهى.

وجاء في حاشية الشرواني على تحفة المحتاج: لو ادعى الآخذ الهبة، والدافع القرض، ‌فيصدق ‌الدافع في ذلك. انتهى.

وجاء في مطالب أولي النهى: ولو سأله من ظاهره الفقر يعطيه شيئًا، وأطلق، فدفع إليه، ثم اختلفا: هل هو قرض أو صدقة؟ قبل: قول الدافع في كونه قرضًا، لأنه أدرى بنيته. انتهى.

والله أعلم.