عنوان الفتوى : ما حكم الاشتراط قبل الزواج أن يوقع الرجل الطلقة الثالثة على مطلقته البائن منه؟
إذا أراد رجل أن يتزوج فتاة، وهذا الرجل طلق زوجته الأولى طلقتين، وانتهت عدتها، ولم يراجعها، وهو لا يريد إرجاعها، فهل يجوز للزوجة الثانيه الجديدة أن تشترط قبل الموافقة أن لا يرجع طليقته الأولى، وأن تتم الطلقة الثالثه؛ لكي تضمن عدم عودتها؟
الحمد لله.
أولا:
لا يجوز للمرأة أن تشترط طلاق زوجة الرجل، سواء شرطت ذلك قبل الزواج أو بعده؛ لحديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لاَ يَحِلُّ لاِمْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا رواه البخاري (5152)، ومسلم (1413).
وفي رواية للبخاري (6600): لاَ تَسْأَلِ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا، وَلْتَنْكِحْ، فَإِنَّ لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا.
وفي رواية (2727): "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ التَّلَقِّي، وَأَنْ يَبْتَاعَ المُهَاجِرُ لِلْأَعْرَابِيِّ، وَأَنْ تَشْتَرِطَ المَرْأَةُ طَلاَقَ أُخْتِهَا".
قال النووي رحمه الله: " ومعنى هذا الحديث: نهي المرأة الأجنبية أن تسأل الزوج طلاق زوجته وأن ينكحها، ويصير لها من نفقته ومعروفه ومعاشرته ونحوها ما كان للمطلقة" انتهى من "شرح مسلم" (9/ 192).
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وحمل ابن عبد البر الأخت هنا على الضَّرَّة، فقال: "فيه من الفقه: أنه لا ينبغي أن تسأل المرأة زوجها أن يطلق ضرتها لتنفرد به".
وهذا يمكن في الرواية التي وقعت بلفظ: "لا تسأل المرأة طلاق أختها".
وأما الرواية التي فيها لفظ الشرط: فظاهرها أنها في الأجنبية، ويؤيده قوله فيها: "ولتنكح" ؛ أي ولتتزوج الزوج المذكور من غير أن يشترط أن يطلق التي قبلها " (9/ 220).
فلا يجوز للمرأة أن تشترط على الرجل أن يطلق زوجته الأولى، من أجل أن يفرغ لها وجهه، ويتزوجها هي من غير ضرة.
ثانيا:
إذا كان الرجل قد طلق زوجته وانتهت عدتها، فإنه لا يمكنه إيقاع طلاق آخر عليها؛ لانتفاء الزوجية، ولا يمكنه إرجاع زوجته بعد انتهاء عدتها، إلا بعقد جديد، فإن عقد عقدا جديدا أمكنه أن يطلقها الطلقة الثالثة.
وهذا مخرج شرعي للزوج، وحيلة صحيحة: أن يبين لمن يخطبها: أن الزوجة الأولى قد خرجت عن عهدته، ولم يعد بإمكانه أن يوقع عليها الطلاق، بعد أن بانت منه.
ثالثا:
يجوز للمرأة أن تشترط عليه عدم الزواج من غيرها، فهذا شرط صحيح عند بعض أهل العلم، وهو مذهب الإمام أحمد.
قال ابن قدامة رحمه الله: " وجملة ذلك: أن الشروط في النكاح تنقسم أقساما ثلاثة :
أحدها ما يلزم الوفاء به , وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته , مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها أو لا يسافر بها , أو لا يتزوج عليها , ولا يتسرى عليها , فهذا يلزمه الوفاء لها به , فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح. يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص , ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم . وبه قال شريح , وعمر بن عبد العزيز , وجابر بن زيد , وطاوس , والأوزاعي , وإسحاق.
وأبطل هذه الشروط الزهري , وقتادة، وهشام بن عروة ومالك , والليث , والثوري , والشافعي , وابن المنذر , وأصحاب الرأي " انتهى من "المغني" (9/ 483).
وهذا الشرط يحقق مراد المرأة، وهو منعه من الرجوع إلى الأولى؛ لأنه لا يرجع إليها إلا بالزواج، وقد شرطت عليه ألا يتزوج، فإن خالف وتزوج، فلها الحق في فسخ نكاحها منه؛ إن شاءت. فلتنكح؛ ثم لعل الله أن يرضيها ويصلح لها عيشها وزوجها ، ولو رجع إلى الأولى.
والله أعلم.
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |