عنوان الفتوى : إذا كان إيجار المحل بالدينار، وأعطاه شيكات مؤجلة بعملة أخرى، ثم انخفضت قيمتها، فماذا يلزمه؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

عندي إيجار محل بقيمة 10000 دينار، تدفع بشيكات على طول السنة وكان سعر صرف الدينار في ذلك الوقت 5 شيكل، قمت باصدار عدد 4 شيكات للمؤجر بالشيكل، وحين استحقاق كل شيك ـ وبسبب ارتفاع قيمة الدينار الأردني ـ أصبح المؤجر يطالني بفرق عملة، حيث أصبح الدينار مثلا 5.5 عند استحقاق أول شيك، فهل هذا يجوز أو إنه من الربا؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أولا:

إذا تم عقد الإيجار، وكانت الأجرة مؤجلة: فإنها تكون دينا على المستأجر، وهذا يقتضي أمرين:

الأول: أنه لا يجوز الاتفاق المسبق على سداد الدين بعملة أخرى؛ لأن ذلك يتضمن الصرف المؤجل، وهو ربا.

ومعلوم أنه لا يجوز مبادلة دينار بشيكل أو غيره من العملات إلا يدا بيد؛ لما روى مسلم (1587) عن عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرُ بِالتَّمْرِ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ).

والعملات النقدية لها ما للذهب والفضة من الأحكام.

جاء في قرار " مجمع الفقه الإسلامي " التابع لمنظمة " المؤتمر الإسلامي " ما نصه:

"بخصوص أحكام العملات الورقية: أنها نقود اعتبارية، فيها صفة الثمنية كاملة، ولها الأحكام الشرعية المقررة للذهب والفضة من حيث أحكام الربا والزكاة والسلم وسائر أحكامهما" انتهى من "مجلة المجمع" (العدد الثالث ج 3 ص 1650، والعدد الخامس ج 3 ص 1609).

الثاني: أنه لا يجوز اشتراط أو طلب الزيادة على الدين؛ لأن ذلك ربا.

ثانيا:

إذا اتُّفق على أن أجرة المحل بالدينار، وقدرها 10000 دينار، لم يجز إعطاء شيكات بعملة أخرى كالشيكل، بل تبقى الأجرة بالدينار، وهي دين على المستأجر، ويسدده بالدينار، سواء ارتفعت قيمته أو انخفضت، ويجوز عند السداد -لا قبل ذلك- الاتفاق على دفع الشيكل، بسعر يوم السداد.

والأصل في ذلك: ما روى أحمد (6239)، وأبو داود (3354)، والنسائي (4582)، والترمذي (1242)، وابن ماجه (2262) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أَبِيعُ الْإِبِلَ بِالدَّنَانِيرِ [أي مؤجلا] وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ، وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال (لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَهَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا ، مَا لَمْ تَفْتَرِقَا وَبَيْنَكُمَا شَيْءٌ) والحديث صححه بعض العلماء كالنووي، وأحمد شاكر، وصححه آخرون من قول ابن عمر، لا من قول النبي صلى الله عليه وسلم منهم الحافظ ابن حجر والألباني. وانظر: "إرواء الغليل" (5/ 173).

قال ابن قدامة رحمه الله: "ويجوز اقتضاء أحد النقدين من الآخر، ويكون صرفا بعين وذمة، في قول أكثر أهل العلم" انتهى من "المغني" (4/37).

وأما الاتفاق المسبق على السداد بعملة أخرى فمحرم، كما قدمنا.

جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم: 75 (6/8) بشأن قضايا العملة، ما يلي:

" يجوز أن يتفق الدائن والمدين يوم السداد - لا قبله - على أداء الدين بعملة مغايرة لعملة الدين إذا كان ذلك بسعر صرفها يوم السداد. وكذلك يجوز في الدين على أقساط بعملة معينة، الاتفاق يوم سداد أي قسط على أدائه كاملاً بعملة مغايرة، بسعر صرفها في ذلك اليوم.

ويشترط في جميع الأحوال أن لا يبقى في ذمة المدين شيء مما تمت عليه المصارفة في الذمة" انتهى من "مجلة المجمع" (ع 3، ج 3 ص 1650).

والواجب حينئذ التوبة إلى الله تعالى من الاتفاق على السداد بالشيكل، ثم يلزمك سداد الأجرة بالدينار مهما ارتفع سعره.

ثالثا:

إذا اتفق على أن أجرة المحل بالشيكل، مثل خمسين ألف شيكل، جاز إعطاء شيكات بها، وكانت هي الواجبة على المستأجر، ولا عبرة بكونها كانت تساوي كذا من الدنانير، وأن الدينار ارتفع فصار يساوي كذا من الشيكل؛ لأنه لا يثبت في ذمة المستأجر إلا الأجرة بالعملة المتفق عليها.

والحاصل:

أن العبرة بما اتفقتما عليه من أجرة.

فإذا تم الاتفاق على أن الأجرة 50 ألف شيكل تساوي 10000 دينار، فالأجرة 50 ألف شيكل.

وإذا تم الاتفاق على أن الأجرة 10000 دينار تساوي 50 ألف شيكل، فالأجرة 10000 دينار.

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...