عنوان الفتوى : هل يأثم الوسيط في البيع إذا اشتمل العقد على ما يخالف الشرع
فكرتُ فى إنشاء موقع إلكتروني لتجارة السيارات، عبر الإنترنت، بين بائعين ومشترين، وأنا -مالك الموقع- مجرد وسيط، ويكون عمل هذا الموقع ببعض الدول، لكن ما جعلني أتراجع عن هذا العمل هو أنني عندما تحدثتُ مع تجار سيارات وجدت أنهم في نظام التقسيط، وأحيانا يكون البنك هو الوسيط، وربما تكون هذه المعاملة محرمة لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا تبع ما ليس عندك. مع ما قد يلحق هذه المعاملة بمعاملة ربوية، لكن راودتني الفكرة مرة أخرى بكتابة شروط في الموقع تفيد أن هذه المعاملات إذا كانت موجودة عند تاجر، أو شخص عادي، فلا يبع سيارته عن طريق الموقع.
فهل مجرد هذا الاشتراط يكفي أم لا؟ وهل إذا خالف أحد مستخدمي الموقع هذه الشرط، وأكمل استخدام الموقع أكون أعنتُه على الإثم؟ والله سبحانه وتعالى قال: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ. وأيضا أنا كوسيط أقيم ببلد، والبائع والمشتري ببلد آخر، فهل يشترط أن أكون حاضرا لهذا البيع؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام عمل السائل في موقعه يقتصر على الوساطة، ولا علاقة له بكيفية عقد البيع، فلا مانع من إنشاء مثل هذا الموقع مع كتابة شروط في الموقع تفيد بمنع المعاملات المحرمة، فإذا خالف أحد هذه الشروط دون علم السائل ولا تدخله؛ فإثمه على نفسه، كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ {النساء: 111}.
قال الطبري في تفسره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبًا على عَمْدٍ منه له، ومعرفة به، فإنما يجترح وَبَال ذلك الذنب، وضُرَّه، وخِزْيه، وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.
وقال تعالى: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: 105}. وقال سبحانه: لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ {النساء: 84}.
قال الواحدي في الوجيز: أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك، على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.
وراجع -في بيان أقسام وأحكام الإعانة على الإثم- الفتوى: 321739.
وأما السؤال الثاني: فجوابه أنه لا يشترط في حق السائل -كوسيط في البيع من خلال موقعه- أن يكون حاضرا في البيع، فعمله قاصر على الجمع بين البائع والمشتري، أو إيصال أحدهما بالآخر.
والله أعلم.