عنوان الفتوى : هل من العقوق رفع الابن شكوى على أبيه لمقاضاته في أموال له عليه؟
أبي لديه بعض الأراضي، ولديه مال، وهو ظالم لنا، ولم يعطني شيئا منذ كنت أدرس في الصف الثامن، ومع هذا لا أعارضه، وأبره -والحمد لله- أكملت دراستي، وتوظفت، وتزوجت، ولم يساعدني بفلس واحد، بل إنني أعطيه كلما تيسر الحال لدي، وقد سعيت بالدلالة على قطعة أرض باعها أبي لشخص آخر، وعند مطالبتي بحقي القانوني حسب الاتفاق رفض أبي إعطائي مبلغ الدلالة، فهل مطالبتي بحقي، وتقديم شكوى على أبي، والمشتري الذي اشترى منه للحصول على حقي مقابل السعي بالتوسط في المبيع يعد عقوقاً لأبي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا بد من التنبيه -أولا- على أن حق الوالد في البر، والتوقير حق ثابت، ولا يرتبط بحسن معاملته للولد، ولا بالقيام بواجباته عليه، فهو حق أوجبه الله للوالد على ولده، لكونه والدًا، وليس في مقابلة شيء آخر.
أما جواب سؤالك فهو: إن كنت اتفقت مع أبيك على أجرة معلومة مقابل سعيك في بيع الأرض؛ وقد تم البيع بسعيك في الدلالة؛ فقد ثبتت لك في ذمة أبيك هذه الأجرة؛ وقد اختلف أهل العلم في حقّ الولد في مطالبة أبيه بدينه، فالحنابلة لا يرون للولد حقًّا في مطالبته بالدين، والجمهور يرون له مطالبته بدينه، وجواز رفعه إلى القضاء.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وليس للولد مطالبة أبيه بدين عليه، وبه قال الزبير بن بكار، وهو مقتضى قول سفيان بن عيينة، وقال أبو حنيفة، ومالك، والشافعي: له ذلك؛ لأنه دين ثابت، فجازت المطالبة به، كغيره. انتهى.
وانظر الفتوى: 327073.
والأولى أن لا تشكو أباك، ولا ترفعه للقضاء؛ إحسانًا إليه، وإبقاءً للمودة بينكما، وسواء طالبته بالدين، أو تجاوزت عنه؛ فعليك برّه، وتوقيره؛ فحقّ الوالد على ولده عظيم، ولا يسقط حقّه بظلمه ولده، أو إساءته إليه، وراجع الفتوى: 114460.
ولمزيد من الفائدة راجع الفتوى: 471586.
والله أعلم.