عنوان الفتوى : لا يمكن أن يرى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على غير صفته

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل يمكن رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في الرؤيا في عدة صفات أي أن يراه شخص في صفة معينة و آخر في صفة أخرى ؟.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله.

أخي السائل : اعلم أن العلماء في شرحهم لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِي فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لا يَتَمَثَّلُ بِي ) رواه البخاري (6994) رواه مسلم (2266) واللفظ لمسلم .

قالوا : إن هذا محمول على رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بصفاته الخَلقية الواردة في الأحاديث الصحيحة ، فإن الشيطان لا يتمثل بصورة النبي صلى الله عليه وسلم .

أما أن يأتي الشيطان في صورة أخرى سواء في اليقظة أو في المنام ثم يكذب ويقول : إني رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا من الكذب ، وليس هي رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وبالتالي فيجب عليك أن تعرف السمات الخلقية للنبي صلى الله عليه وسلم . راجع السؤال رقم ( 1512 ) ، وقد وردت تلك الصفات في أحاديث كثيرة من حيث صفة خلقه وصفة كفه وصفة ذراعيه وصفة فمه وأسنانه ، وصفة عينيه وصفة شعره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وقد كان هناك أشخاص يشبهون النبي صلى الله عليه وسلم أكثرهم شبهاً به الحسن بن علي رضي الله عنهما . وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب . فإذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في صفته الواردة في السنة فإنك رأيته حقاً ، أما إن رأيته على غير صفته التي وردت في السنة المطهرة والسيرة النبوية ، كأن رأيته حليق اللحية ، أو اقطع اليد أو أقطع الرجل فللعلماء في هذه المسألة قولان :

الأول: أن ذلك يدل على نقص دين الرجل .

الثاني: الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية أن هذه الصورة كذب ، وهي من الشيطان ، خاصة إذا رأيته في اليقظة ، فإن ذلك كذب قطعاً فإن النبي صلى الله عليه وسلم حي حياة برزخيه ولا يراه أحد في اليقظة ولا يزور أحداً ولا يكلم أحداً .

وما يدعيه البعض من أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أتى إليه في اليقظة وحدثه وأخبره فإن هذا بلا شك من الشياطين والجن ، خاصة أن ذلك لم يحدث لأكابر الصحابة أبوبكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد بن زيد وأبو عبيدة وسعد ، وأهل بدر وأهل الشجرة وغيرهم من الصحابة سادة أولياء وأكابر المتقين ، فإن ادعى أحد أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة فلا شك أن المتمثل به شيطان أو جن ولا يثبت بذلك حكم ، وقد وقع أعظم من ذلك للشيخ عبد القادر الجيلاني رحمه الله حيث رأى جالساً على عرش بين السماء والأرض يقول له : أنا ربك ؟ فقال: اخسأ عدو الله إنك إبليس . فقال : كيف عرفت أني إبليس قال : لأن الله عز وجل لا نراه في الدنيا حتى نموت ، ولأنك قلت : أنا ربك ، ولم تجرؤ أن تقول : أنا الله . وبالتالي فرؤية مثل هذه الأمور تكون من الشيطان ولا يغتر بذكر بعض من يظن الناس فيهم الصلاح ويذكرون حكايات عن رؤيتهم للأنبياء ومجالستهم معهم فهم صادقون في المجالسة ، ولكن من جالسوا ؟ فقد جالسوا الجن والشياطين حتى يكون ذلك فتنة ولكن من عصمه الله بالكتاب والسنة وقرأ الأذكار وآية الكرسي والمعوذات واستعان بالله انصرف ذلك كما حدث مع الأولياء المتقين كما يحكي ذلك شيخ الإسلام في كتابه عظيم القدر جليل النفع الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان .

تبقى مسألة لا بد من الإشارة إليها وهي إذا رأى الإنسان رسول الله صلى الله عليه وسلم بصفته المذكورة في السنة الصحيحة فهي بشرى وأنه سيراه في اليقظة ، فإذا أخبره بأمر شرعي يخالف ظاهر الكتاب والسنة فهل يعمل بما أخبره به أم يعمل بظاهر الكتاب والسنة ؟ أو أخبره بمسألة لا بد فيها من بينة كأن تراءى الناس الهلال ولم يروه فأخبره أن غداً رمضان فهل يعمل بذلك أم لا أو أخبره أن فلاناً سرق من فلان أو في خصومة أن فلاناً معه الحق فهل يشهد بذلك ؟

نص العلماء على أنه إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بأمر يخالف ظاهر الكتاب والسنة أو بأمر لا بد فيه من البينة أنه لا يعمل بذلك ؛ لأن الرؤية ليست تكليفاً وهو مكلف بالعمل بما في اليقظة ، ويجب أن تعلم أن الرؤيا للأنبياء وحي ، وأما رؤية الأنبياء في الرؤيا فليست وحياً بالاتفاق ، ولكنها بشرى ، وقد بين ذلك النووي رحمه الله تعالى .