عنوان الفتوى : الفَرَج قريب، والانتحار سببه سوء الظن بالله
قال الله تعالى: لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها. فلماذا انتحار الناس؟ أما قال الله: إن مع العسر يسرًا؟ ومتى يأتي فرج الله؟
يبدو لي أن ربي قد تركني.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة: 286}، هو في التكاليف الشرعية، فالله لم يأمر عباده بما لا يطيقون، وذلك من رحمته وكرمه، كما قال تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ {البقرة: 185}.
وأما انتحار الناس فهو لجهلهم، ولسوء ظنهم بربهم -تعالى- واستعجالهم فرجه وبره ولطفه، ولو أنهم وثقوا به، وأحسنوا الظن به؛ لأتاهم فرجه عن قريب، فالله لم يكلفهم بالانتحار، لكنهم لجهلهم وتعديهم حدود الله فعلوا ذلك.
وأما اليسر فإنه آت ولا بد، فإياك أن تظن بربك ظن السوء، إياك أن تظن أنه تركك وخلاك وشأنك، بل هو -تعالى- إنما ابتلاك ليرحمك ويعافيك، فله في كل شيء حكمة بالغة.
ولو استحضرت الأجر الموعود على الصبر؛ لهان عليك ما تلقاه من البلاء، ولو طالعت سير الصابرين وأخبارهم؛ لعلمت أن ما أصابك ليس بشيء بجانب ما أصاب خيار عباد الله من الأنبياء والصالحين.
فأحسن ظنك بربك ولا تيأس من رحمته، واجتهد في دعائه، واصبر على ما أصابك، وأيقن أن النصر مع الصبر، كما قال صلوات الله عليه: واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب.
واجتهد في التوبة النصوح، وأكثر من الاستغفار، فإن المصائب إنما تنزل بالعبد بسبب ذنوبه وهو في غفلة عن هذا، فيظن أن ربه قد ظلمه، وإنما أتي من قبل نفسه، كما قال تعالى: وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ {النساء: 79}، وقال: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ {الشورى: 30}.
نسأل الله أن يخفف عنك، ويعجل لك بالفرج بواسع رحمته.
والله أعلم.