عنوان الفتوى : أحكام التخلف عن صلاة الجمعة لأجل العمل
هل يجوز الذَّهاب إلى صلاة الجمعة مرتين في الشهر، بسبب العمل؟
أنا أقيم في أوروبا، وأعمل كسائق على الرافعة الشوكية، وبعض الأعمال على نظام مناوبات في الغالب.
السنة الماضية عملت في الدوام الليلي، ولم تكن توجد أي مشكلة في الذهاب إلى صلاة الجمعة، ولكن الآن العمل الليلي قليل.
فهل أصبر وأنتظر، أو هذا جائز؟
وأنا الآن آخذ راتب البطالة من الدولة. ولقد شرحت لمركز العمل أني رجل ويجب أن أذهب لصلاة الجمعة، والله أعلم، وهنا ولله الحمد توجد حرية في التدين، ولا يجبرونني على هذا، ولكن لا أريد البقاء على الإعانة، وأريد الزواج قريبا إن شاء الله.
إذا كان من الممكن شرح متى تجب صلاة الجمعة، ومتى تسقط صلاة الجمعة، أكون من الشاكرين.
مع العلم أنه توجد هنا مساجد بعضها منحرف عن القبلة تقريبا 45 درجة، ولقد نصحت بعضهم، ولكن قالوا إن ذلك يجوز.
فهل تجوز الصلاة في هذه المساجد؟ وهم في الغالب يفعلون هذا لكي يجعلوا السجاد مستقيما للجدار، والله أعلم.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الدخول في ذلك العمل، ولكن يجب عليك السعي إلى صلاة الجمعة، عملا بقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ. {سورة الجمعة:9}.
فالمسلم مأمور شرعا أن يترك ما يشغله عن الجمعة من بيع وشراء وغيرهما، إذا سمع النداء، وأن يسعى إليها.
والوقت الذي يجب فيه السعي إليها هو عند سماع الأذان الثاني، الذي يكون عند صعود الخطيب المنبر، في قول جمهور أهل العلم. وقال بعضهم: بل يجب السعي إليها من الأذان الأول.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: مِنَ الْوَاجِبَاتِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِهَذِهِ الشَّعِيرَةِ: وُجُوبُ السَّعْيِ إِلَيْهَا، وَتَرْكُ مُعَامَلاَتِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدَ الأْذَانِ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ }.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ - فِي الأْصَحِّ عِنْدَهُمْ - إِنَّمَا يَجِبُ ذَلِكَ عِنْدَ الأْذَانِ الأْوَّل، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى تَأْخِيرِ هَذَا السَّعْيِ الْوَاجِبِ عِنْدَ سَمَاعِ النِّدَاءِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ مِنَ الْحُرْمَةِ بِسَبَبِ الْمَعْصِيَةِ. اهــ.
فخذ إذنا من جهة العمل، وبَيِّن لهم أنك مسلم، مطالب في دينك بالذهاب إلى الصلاة. فإن أذنوا لك فبها ونعمت، وإن لم يأذنوا لك فوقت الصلاة مستثنى من وقت الإجارة، فأعلمهم بذلك، واخرج ولو لم يأذنوا لك إن لم يترتب على خروجك للجمعة ضرر عليك. أو على العمل.
جاء في تحفة المحتاج: يُسْتَثْنَى مِنْ زَمَنِ الْإِجَارَةِ فِعْلُ الْمَكْتُوبَةِ وَلَوْ جُمُعَةً، لَمْ يَخْشَ مِن الذَّهَابِ إلَيْهَا عَلَى عَمَلِهِ. اهــ.
فأشعرهم أنك ستذهب، واذهب لأداء ما فرضه الله عليك، وإن علمت أنهم سيطردونك من العمل إن خرجت من دون إذنهم، وكنت لا تجد عملا آخر، فنرجو أن تعذر في هذه الحال في التخلف عن الجمعة لأجل الضرر الذي يلحقك بالسعي إليها.
وانظر الفتوى: 60743 ففيها بيان الأعذار التي تسقط معها صلاة الجمعة عمن تجب عليه ابتداء، والفتوى: 392755 في بيان حكم التخلف عن الجمعة بسبب خوف الطرد من العمل.
وأما الصلاة في المساجد التي فيها انحراف عن القبلة بالقدر المذكور في السؤال. فإن وجدت مساجد أخرى ليس فيها ذلك الانحراف، فصل فيها واترك المساجد المنحرفة عن القبلة، فإن هذا أبرأ للذمة وأحوط، وأقرب لامتثال أمر الله -تعالى- باستقبال القبلة.
والمفتى به عندنا أن الانحراف الذي لا يزيد عن 45 درجة، يعتبر من اليسير الذي لا تبطل به الصلاة، وأن ما زاد عنه يعتبر من الانحراف التي لا تصح معه الصلاة.
وانظر لهذا، الفتوى: 340783.
والله أعلم.