عنوان الفتوى : جواز الدعاء بالأمور المباحة الممكنة غير المستحيلة عادة
ما حكم أن أطلب من الله أن تصير طبيعة شعري عادية، وهل يجوز هذا لي؟ لأنه يصير دهنيا خلال نفس اليوم بعد غسله، ويزعجني ذلك، وأن يحفظ لي شعري من التساقط؟ وأن ينبت لي ما سقط منه أضعافا مضاعفة بحوله وقوته؟ وأن يشفيني من حبوب الوجه، أو أي شيء متعلق بالجسم؟ وأطلب من الله كل شيء، كالتوفيق في أموري، واحتياجاتي الدنيوية، من رزق، وغنى؛ لأنه هو الرزاق، وهو الغني؟ والمغفرة الأخروية بطبيعة الحال؟ وأن يغلبني على الشيطان؟ وأن ينير عقلي، وكل شيء؟ لأنني أحس بالراحة عندما أناجي الرحمن باحتياجاتي مفصلة؛ لأنه لا شيء يستحيل على خالقنا، وهو ملجؤنا الوحيد، لا ملجأ إلا إليه تبارك الرحمن ربنا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الدعاء بما ذكرت، فكل الأمور المباحة الممكنة غير المستحيلة عادة فإنه يجوز للمؤمن الدعاء بها، كما جاء في الحديث عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأل شسع نعله إذا انقطع. أخرجه الترمذي وقال: حديث غريب .اهـ. وأخرجه ابن حبان في صحيحه.
وإنما الممنوع هو الاعتداء في الدعاء: كطلب المحرمات، أو الدعاء بالممتنعات عادة.
قال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: وقوله تعالى {إنه لا يحب المعتدين} قيل المراد أنه لا يحب المعتدين في الدعاء، كالذي يسأل ما لا يليق به من منازل الأنبياء، وغير ذلك. وقد روى أبو داود في سننه عن {عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنه يقول: اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال: يا بني سل الله الجنة، وتعوذ به من النار؛ فإني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور، والدعاء} وعلى هذا؛ فالاعتداء في الدعاء تارة بأن يسأل ما لا يجوز له سؤاله من المعونة على المحرمات. وتارة يسأل ما لا يفعله الله، مثل أن يسأل تخليده إلى يوم القيامة، أو يسأله أن يرفع عنه لوازم البشرية: من الحاجة إلى الطعام والشراب. ويسأله بأن يطلعه على غيبه، أو أن يجعله من المعصومين، أو يهب له ولدا من غير زوجة، ونحو ذلك مما سؤاله اعتداء لا يحبه الله، ولا يحب سائله. اهـ.
والله أعلم.