عنوان الفتوى : مشروعية صلاة أربع ركعات أو ست ركعات في أي وقت بعد صلاة العشاء
هل يجوز تأجيل صلاة ركعتين بعد العشاء...( أو أربع ركعات، حيث ورد فيها حديث روي مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه، ولا يصح منها شيء... لكن هذا الحديث قد روي موقوفا من كلام جمع من الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ فعن عبد الله بن عمرو، قال: من صلى أربعا بعد العشاء، كن كقدرهن من ليلة القدر.
وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: أربع بعد العشاء يعدلن بمثلهن من ليلة القدر.
وعن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: من صلى أربعا بعد العشاء لا يفصل بينهن بتسليم، عدلن بمثلهن من ليلة القدر.
أخرج هذه الآثار ابن أبي شيبة في كتابه المصنف، وصححها الشيخ الألباني، وقال: وهي وإن كانت موقوفة، فلها حكم الرفع؛ لأنها لا تقال بالرأي، كما هو ظاهر. اهـ. والله أعلم.) لثلث الليل الأخير؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الركعتان بعد العشاء، فإن كان مرادك سنتها البعدية، فإن وقتها من بعد صلاة العشاء إلى نصف الليل اختيارا، ثم هو بعد نصف الليل إلى الفجر وقت ضرورة.
فينبغي أن تصلي هاتين الركعتين في وقتهما المختار، ولا تؤخرهما إلى وقت الضرورة إلا لعذر. وراجع الفتوى: 29625.
وأما الركعات الأربع المسؤول عنها: فهذه الآثار التي ذكرها ابن أبي شيبة في مصنفه مع تتمتها، ليس فيها تقييد لوقت تلك الركعات، وإنما فيها الإخبار باستحباب فعلها بعد العشاء فحسب، وهذا شامل لما بعد العشاء مباشرة، أو لما بعدها بفاصل ولو كان في ثلث الليل الآخر، فإن هذا كله يصدق عليه أنه بعد العشاء.
وهذه الركعات من جملة صلاة الليل -كما قال الشوكاني- ولا تصح الأحاديث المقيدة لفعلها بكون ذلك في المسجد.
قال الشوكاني -رحمه الله-: وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ عَن ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ فِي جَمَاعَةٍ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِن الْمَسْجِدِ كَانَ كَعِدْلِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ» قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَلَمْ يَصِحَّ، وَأَكْثَرُ الْأَحَادِيثِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي الْبَيْتِ، وَلَمْ يَرِدْ التَّقْيِيدُ بِالْمَسْجِدِ إلَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ الْمَذْكُورَيْنِ.
فَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا قَالَ الْعِرَاقِيُّ فِيهِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَفِي إسْنَادِهِ مَنْ تَقَدَّمَ. قَالَ الْعِرَاقِيُّ: وَعَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ فَيَكُونُ قَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، أَوْ لِضَرُورَةٍ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ اقْتَضَتْ ذَلِكَ.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ، أَوْ سِتِّ رَكَعَاتٍ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَذَلِكَ مِنْ جُمْلَةِ صَلَاةِ اللَّيْلِ. انتهى.
وعليه؛ ففي أي وقت من الليل صليت تلك الركعات، رجي حصول الثواب المذكور إن شاء الله.
والله أعلم.