عنوان الفتوى : مذاهب العلماء في إخراج الزكاة عمن وجبت عليه بلا إذنه

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

امرأة لا تخرج الزكاة، بُخْلا. وقد أقرضت ابنتها مبلغا من المال، قد يوازي قيمة الزكاة.
فهل يجوز إخراج الابنة قيمة الدين كزكاة عن أمها، من باب الخوف عليها؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه ينبغي حسن الظن بالوالدة، وعدم اتهامها بما لم يتحقق منه، كما يجب ترغيبها في أداء فريضة الزكاة، وتنبيهها برفق إلى أن منع الزكاة بخلاً بها من أكبر الكبائر.

فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته، مُثِّل له يوم القيامة شجاعاً أقرع، له زبيبتان يطوقه يوم القيامة، ثم يأخذ بلهزمتيه -يعني شدقيه- ثم يقول: أنا مالك، أنا كنزك، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم الآية: وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ {آل عمران:180}.
وفي الحديث: ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين -المجاعة والقحط- رواه الطبراني في الأوسط، ورواته ثقات.

وأما إخراج الزكاة عنها من دون علمها، فلا يجزئ؛ لعدم وجود النية. والنية شرط في العبادات الواجبة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. متفق عليه.
وقال ابن مفلح في كتابه الفروع: والنية شرط في إخراج الزكاة، فينوي الزكاة والصدقة الواجبة، أو صدقة المال والفطر. ولو نوى صدقة مطلقة لم يجزئه، ولو تصدق بجميع ماله. انتهى.

وقال الشيرازي في المهذب: وإن نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجزئه؛ لأن الزكاة فرض على رب المال، فلم تصح من غير نية. انتهى.
وقال ابن قدامة في المغني: مذهب عامة الفقهاء أن النية شرط في أداء الزكاة، إلا ما حكي عن الأوزاعي أنه قال: لا تجب لها النية.

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وأداؤها عمل، ولأنها عبادة تتنوع إلى فرض ونفل، فافتقرت إلى النية كالصلاة.... إلى أن قال: ولو نوى الوكيل ولم ينو الموكل لم يجز، لأن الفرض يتعلق به، والإجزاء يقع عنه. انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى الإجزاء إذا أخرجت من مال من تجب عليه الزكاة، وأجازها قياسا على تصرف الفضولي إذا أجازه من تُصُرِّفَ في ماله.

قال ابن مفلح في الفروع: من أخرج من ماله زكاة عن حي بلا إذنه، لم تجزئه ولو أجازها؛ لأنها ملك المتصدق، فوقعت عنه. بخلاف من أخرجها من مال المخرج عنه بلا إذنه، وأجازها رب النصاب، وصح تصرف الفضولي موقوفا، فإنها تجزئ؛ لأنها لا تقع عن المخرج. اهـ.

وقال المرداوي في الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف: لو أخرج شخص من ماله زكاة عن حي بإذنه، صح، وإلا فلا...

ولو أخرجها من مال من هي عليه بلا إذنه، وقلنا: يصح تصرف الفضولي موقوفا على الإجازة. فأجازه ربه، كفته، كما لو أذن له، وإلا فلا. اهـ.

والله أعلم.