عنوان الفتوى : لم تثبت نسبة هذا الأثر لعمر بن الخطاب

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل هذا القول صحيح؟
زار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فوجد أعرابيًا يقف أمام القبر ويدعو، فوقف عمر خلفه، وأنصت إليه.
يقول الأعرابي: "اللهم هذا حبيبك، وأنا عبدك، والشيطان عدوك. فإن غفرت لي؛ سُرّ حبيبك، وفاز عبدك، وحزن عدوك. وإن لم تغفر لي؛ حزن حبيبك، ورضي عدوك، وهلك عبدك. وأنت أكرم من أن تحزن حبيبك، وترضي عدوك، وتهلك عبدك. اللهم إن كرام العرب إذا مات فيهم سيد أعتقوا عبيدهم عند قبره، وهذا سيد العالمين مات، فاعتقني من النار عند قبره".
فنادى عمر بأعلى صوته: "اللهم إني أدعوك بما دعا به هذا الأعرابي، وبكى عند القبر حتى ابتلت لحيته".

مدة قراءة الإجابة : دقيقتان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإنا لم نعثر على ذكر لعمر في هذه القصة في شيء من كتب أهل العلم، وإنما وجدنا شبيها بها معزوا للأصمعي، وذكرها بعضهم، وذكر أن بعض الحاضرين غير مسمى علَّق على كلام الأعرابي.

فقد قال الشيخ بدر الدين السهسواني في كتابه: صيانة الإنسان عن وسوسة الشيخ دحلان: قوله: وفي (الجوهر المنظم) أيضاً أن أعرابياً وقف على القبر الشريف، وقال: اللهم إن هذا حبيبك، وأنا عبدك، والشيطان عدوك. فإن غفرت لي؛ سر حبيبك؛ وفاز عبدك؛ وغضب عدوك. وإن لم تغفر لي؛ غضب حبيبك؛ ورضي عدوك؛ وهلك عبدك. وأنت يا رب أكرم من أن تغضب حبيبك، وترضي عدوك، وتهلك عبدك. اللهم إن العرب إذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره، وإن هذا سيد العالمين، فاعتقني على قبره، يا أرحم الراحمين، فقال له بعض الحاضرين: يا أخا العرب، إن الله قد غفر لك بحسن هذا السؤال.
أقول: هذا مما لا يصح الاحتجاج به على المطلوب من وجوه:
(الأول): أن هذه القصة مذكورة بلا سند لها، فلا بد على من يحتج بها من بيان سند، وتوثيق رجاله.
و(الثاني): أن فعل الأعرابي ليس من الحجة في شيء.
و(الثالث): أن هذه القصة ليس فيها دعاء غير الله، ولا السؤال بحق المخلوق. والتوسل الذي يمنعه المانعون، هو الذي يتضمن دعاء غير الله، أو السؤال بحق مخلوق، أو ما ضاهاه من المنهيات والبدع والمنكرات.

و(الرابع): أن بعض الحاضرين القائل يا أخا العرب إن الله قد غفر لك، لا يدري من هو حتى يعتمد على قوله.

وبالجملة ذكر أمثال هذه الحكايات في محل الاستدلال، أدل دليل على جهل صاحبه. اهـ.

والله أعلم.