عنوان الفتوى : حكم من طلقها زوجها ثلاثا وأنكر الزوج
طلقني زوجي ثلاث طلقات في مرة واحدة. وبعد ذلك طلقني ثلاث طلقات، متفرقات.
وعند ذهابي معه إلى الإمام قال: إذا أنكر، وقال إنه لم يطلقك، فيحلف يمين غموس على المصحف، وترجعين زوجة له.
هل هذا صحيح؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول في الطلاق قول الزوج؛ فإذا ادعت الزوجة الطلاق، وأنكره الزوج؛ فالقول قوله.
لكن إذا تيقنت الزوجة من وقوع طلاق الثلاث المحرمة، فليس لها أن ترجع إليه، وعليها أن تتخلص منه بالخلع ونحوه حتى يظهر طلاقها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها، فأنكرها، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح وعدم الطلاق. إلا أن يكون لها بما ادعته بينة، ولا يقبل فيه إلا عدلان.
ونقل ابن منصور عن أحمد أنه سئل: أتجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق؟ قال: لا والله.
إنما كان كذلك؛ لأن الطلاق ليس بمال، ولا المقصود منه المال، ويطلع عليه الرجال في غالب الأحوال، فلم يقبل فيه إلا عدلان كالحدود والقصاص.
فإن لم تكن بينة فهل يستحلف؟ فيه روايتان؛ نقل أبو الخطاب أنه يستحلف وهو الصحيح؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ولكن اليمين على المدعى عليه» وقوله: «اليمين على من أنكر» ولأنه يصح من الزوج بذله فيستحلف فيه كالمهر.
ونقل أبو طالب عنه: لا يستحلف في الطلاق والنكاح؛ لأنه لا يقضى فيه بالنكول، فلا يستحلف فيه كالنكاح إذا ادعى زوجيتها فأنكرته، وإن اختلفا في عدد الطلاق فالقول قوله؛ لما ذكرناه.
فإذا طلق ثلاثا وسمعت ذلك وأنكر، أو ثبت ذلك عندها بقول عدلين، لم يحل لها تمكينه من نفسها، وعليها أن تفر منه ما استطاعت، وتمتنع منه إذا أرادها، وتفتدي منه إن قدرت.
قال أحمد: لا يسعها أن تقيم معه. وقال أيضا: تفتدي منه بما تقدر عليه. انتهى.
لكن المرأة ربما ظنت وقوع طلاق الثلاث وكانت غير مصيبة في ظنّها، فقد يكون الزوج قد تلفظ بلفظ غير صريح في الطلاق، أو معلق على شرط، ولم ينو به إيقاع الطلاق، وقد يكون تلفظ بالطلاق مكرها، أو غير مدرك لما يقول، وفي هذه المسائل تفصيل وخلاف بين أهل العلم.
فالذي نراه؛ أن تعرض المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم المشهود لهم بالعلم والديانة، وتعملوا بفتواهم.
والله أعلم.