عنوان الفتوى : معجب بفتاتين وحائر في خطبة إحداهما
أنا شاب داخل في العشرينات قريبًا، وأريد الزّواج، لكنني تائه بين فتاتين، ومعجب بهما كثيرًا، ولا أعلم من أختار منهما، على الرغم أنني استخرت ودعوت كثيرًا، وصبرت، ولم أجد جوابًا شافيا يثلج صدري.. فكلاهما صاحبة حسب، وجمال، ودين، وعلاقتي مع أهلهما قوية، وأملك سمعة حسنة، وملتزم -ولله الحمد- وأظن أيضًا أن كلا منهما معجبة بي، واحدة في سنّي والأخرى أصغر مني بسنة، ولم أكلم أحدا في هذا الموضوع، لا أمي ولا أبي، وأهلي لا يوافقون على تزويجي حتى أكون مستقرا ماليًا وعندي شهادة جامعية، وهذا سيأخذ مدّة طويلة، ويصعّب الأمور أكثر، لأنني لن أصبر كل هذه المدّة، فماذا أفعل؟ وهل الاستخارة هي الفعل الصواب لموضوع كهذا؟ وما هي الأدعية، أو الأفعال الصحيحة؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لحيرتك في أمر الخطبة بين هاتين الفتاتين، فإن كانت هنالك مشابهة بينهما في الصفات الحسنة من الدين والحسب والجمال، فاستشر في الأمر من لهن اطلاع على أحوالهما، وخاصة من أخواتك، أو قريباتك، ففي الاستشارة خير كثير، ولذلك أرشد الله عز وجل إليها رسوله صلى الله عليه وسلم، وهو المؤيد بالوحي، فقال له: وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ {آل عمران:159}.
وقد استجاب النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فكان يشاور أصحابه، واقتدى به في ذلك أصحابه، فكانوا يستشيرونه، ففي صحيح مسلم عن فاطمة بنت قيس -رضي الله عنها- أنها قالت: إن معاوية بن أبي سفيان، وأبا جهم -رضي الله عنهما- خطباني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أما أبو جهم: فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية: فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد، فكرهته، ثم قال: انكحي أسامة ـ فنكحته، فجعل الله فيه خيرا، واغتبطت به.
وقد دلت السنة على أن الاستخارة تشرع عند إرادة فعل شيء، أو تركه، قال بدر الدين العيني في عمدة القاري، وهو يشرح حديث الاستخارة: قوله: إذا هم ـ فيه حذف تقديره: كان النبي يعلمنا الاستخارة، ويقول: إذا هم أحدكم بالأمر، أي: إذا قصد الإتيان بفعل، أو ترك. انتهى.
وللمزيد راجع الفتوى: 19333.
فعليك بعموم الأدعية المتضمنة سؤال الله عز وجل التيسير والتوفيق، لما فيه الخير، ولو جعلت بين يدي الدعاء أعمالا صالحة تكون وسيلة إلى الله تعالى لكان أفضل، ليكون الدعاء أرجى للإجابة، وانظر للفائدة الفتوى: 16690.
وإن كنت قادرا على مؤنة الزواج وتحمل تبعاته من النفقة على الزوجة ونحو ذلك، فحاول إقناع والديك بالموافقة على زواجك، واستعن عليهما بأهل الخير والفضل، فإن اقتنعا -فالحمد لله- وإن لم يقتنعا وكنت بحاجة ماسة إلى النكاح فأقدم عليه، واجتهد في سبيل كسب رضاهما إن غضبا؛ فطاعة الوالدين تجب فيما فيه مصلحة لهما ولا ضرر على الولد، كما أوضحنا في الفتوى: 76303.
وإن لم تكن عندك قدرة على مؤنة الزواج فمن أهل العلم من أوجب على الأب تزويج ابنه، فإن كان أبوك ميسور الحال، وأمكنك إقناعه بتزويجك -فالحمد لله- وإن لم يمكنك إقناعه، أو كان معسرا، فاتق الله واصبر، واعمل على كل ما يعينك على العفاف من الصوم، وغض البصر، وشغل الفراغ بما ينفع، وصحبة الأخيار، ونحو ذلك، وراجع الفتوى: 419521.
والله أعلم.