عنوان الفتوى : طلاق الزوجة في الغضب وفي طهر جامعها فيه

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

طلقت زوجتي ثلاث مرات متفرقات.
الأولى: كنت غاضبا، وقد قلت لها من قبل: إذا قلت لي: إن كنت رجلا طلقني، فسوف أطلقك. وفعلا عندما تشاجرنا قالتها لي، وطلقتها وأنا في حالة غضب شديد، ثم رجعنا إلى بعضنا.
والطلقة الثانية: كانت أمها في زيارة عندنا، وتشاجرنا، لكنها لم تحترمني أمام أمها، ورفعت صوتها بوجهي، فشعرت بالإهانة أمامها لذلك طلقتها.
المرة الثالثة: كانت زوجتي كثيرة طلب الطلاق، وكانت في حالة نفسية صعبة للغاية، وأنا بحكم عملي غير المستقر أيضا كنت متوترا فكانت تعصي أوامري، ولا تطيعني، وهي عنيدة جدا، وتجادل كثيرا، ومستفزة لدرجة كبيرة. فكنت أريد الخروج من البيت، ولكنها منعتني وأخذت المفاتيح، وأصبحت تصرخ وتتطاول علي، هي كانت لا تحترمني، لكن بسبب أني مهمل في حقها، ولا أعاملها بالمعروف.
المهم في آخر مشاجرة أخذت مفتاح الباب ومنعتني من الخروج؛ لأنها كانت تريد الخروج قبلي إلى صديقتها، وأن أبقى أنا مع الأطفال، ورأيت في ذلك استفزازا مني، قلت لها: أريد فقط شراء السجائر وسوف أعود، لكنها أصرت إصرارا شديدا على أن أطلقها مع الألفاظ السيئة، وأنا لم أكن أريد الطلاق، وقلت لها لن أطلقك، لكنها أجبرتني وطلقتها مكرها؛ لكي أنهي المشاجرة، خصوصا وأن الأطفال أمامنا.
فهل يحق لي إرجاعها، لأن الطلاق لم يخرج من قلبي، بل من لساني. وقد طلقتها في طهر جامعتها فيه.
هل تعتبر الطلقة الأولى واقعة، لأني كنت غاضبا جدا بسبب استفزازها لي؟
نحن نعيش في أوروبا، وأخاف من ضياع الأبناء وضياع دينهم وعاداتهم. أريد أن أربيهم على ديننا. وأنا وزوجتي ندمنا على ما فعلنا، ونريد فتوى شرعية تعيد أسرتنا كما كانت. وقد أخذنا وعدا على أنفسنا أن نتغير ونصلح أنفسنا، وكان هذا درسا قاسيا جدا، خصوصا أننا خائفون جدا على البنات في أوروبا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فننصحك بأن تشافه بسؤالك أحد العلماء عندكم، أو ترفع الأمر إلى أحد المراكز الإسلامية، فإنها تقوم مقام القضاء الشرعي.

وما يمكننا ذكره لك على وجه العموم:

أولا: أن مجرد الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، بل يختلف الحكم فيه باختلاف أحوال، سبق بيانها في الفتوى: 11566.

ثانيا: أن طلاق الزوج زوجته في طهر جامعها فيه، نوع من الطلاق البدعي، وهنالك خلاف بين الفقهاء في حكم الطلاق البدعي. والجمهور على وقوعه، وهو ما نفتي به، وذهب بعض الفقهاء إلى عدم وقوعه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية. ولمزيد من التفصيل، انظر الفتوى: 8507.

ثالثا: مجرد حصول المشاجرة لا تعتبر من الإكراه، بحيث تمنع من وقوع الطلاق.

فضابط الإكراه المعتبر شرعا والذي يمنع وقوع الطلاق، ما قاله ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: ولا يقع طلاق المكره.

والإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه، أو ماله بلا تهديد. انتهى.

هذا وننبه إلى بعض الأمور:

الأمر الأول: ينبغي أن تسود بين الزوجين المودة والاحترام، وأن يجتنبا المشاكل قدر الإمكان.

وإذا وقعت المشاكل فليتحريا الحكمة في حلها، وليكن ذلك بعيدا عن أعين الأولاد، ففي حدوث المشاكل بوجودهم نوع من الجناية عليهم.

الأمر الثاني: ينبغي الابتعاد عن ألفاظ الطلاق، فعاقبته وخيمة في الغالب وخاصة على الأولاد، ولذلك ذكر أهل العلم أن الأصل فيه التحريم، وأن لا يباح منه إلا ما تدعو إليه الحاجة.

الأمر الثالث: اتقاء الغضب، فإنه من الشيطان، والعمل على علاجه وفقا لما جاءت به السنة النبوية، وراجع الفتوى: 8038.

الأمر الرابع: على كل من الزوجين أن يقوم بما يجب عليه تجاه الآخر، فإن هذا مما يعين على أن تقوى العشرة بينهما وتستقر الأسرة.

ولمعرفة الحقوق بين الزوجين، يمكن مطالعة الفتوى: 27662.

والله أعلم.