عنوان الفتوى : مذاهب أهل العلم فيمن قال: عليَّ الحرام
تلفظت بقول: عليَّ الحرام أنني لن أستلم الحوالة من فلان، ولا أذكر أنني كنت أقصد بهذا اللفظ شيئا، وإنما من باب الغضب.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت لم تستلم الحوالة من فلان الذي قصدته؛ فلم تحنث في يمينك، ولا يلزمك طلاق، ولا ظهار، ولا كفارة.
أمّا إذا كنت استلمت الحوالة منه؛ ففيما يلزمك بهذه الصيغة؛ خلاف بين أهل العلم؛ فبعضهم يرى هذا اللفظ لغوًا، لا يترتب عليه شيء. وبعضهم يراه يمينا، كاليمين بالله، فتلزم بالحنث فيه الكفارة. وبعضهم يرى فيه احتمال الظهار.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن قال: أنا مظاهر، أو عليَّ الظهار، أو عليَّ الحرام، أو الحرام لي لازم، ولا نية له، لم يلزمه شيء؛ لأنه ليس بصريح في الظهار، ولا نوى به الظهار، وإن نوى به الظهار، أو اقترنت به قرينة تدل على إرادته الظهار، مثل أن يعلقه على شرط، فيقول: عليَّ الحرام إن كلمتك، احتمل أن يكون ظهارا؛ لأنه أحد نوعي تحريم الزوجة، فصح بالكناية مع النية، كالطلاق، ويحتمل أن لا يثبت به الظهار؛ لأن الشرع إنما ورد به بصريح لفظه، وهذا ليس بصريح فيه، ولأنه يمين موجبة للكفارة، فلم يثبت حكمه بغير الصريح، كاليمين بالله تعالى. انتهى.
والراجح عندنا؛ أنّ الحنث فيه تترتب عليه كفارة يمين.
جاء في مجموع الفتاوى لابن تيمية -رحمه الله-: وأما الحلف بالنذر، والظهار، والحرام، والطلاق، والعتاق، والكفر، كقوله: إن فعلت كذا، وكذا، فعليَّ الحج، أو مالي صدقة، أو عليَّ الحرام، أو الطلاق يلزمني، لأفعلن كذا، وإن كنت فعلت كذا، فعبيدي أحرار، أو إن كنت فعلت كذا، فإني يهودي، أو نصراني، فهذه المسألة للعلماء فيها: ثلاثة أقوال: فقيل: إذا حنث يلزمه التوبة، وقيل: لا شيء عليه، وقيل: بل عليه كفارة يمين، وهو أظهر الأقوال. انتهى.
وراجع الفتوى: 2022.
واعلم أنّ الحلف المشرع هو الحلف بالله تعالى، لقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من كان حالفًا؛ فليحلف بالله، أو ليصمت. رواه البخاري.
والله أعلم.