عنوان الفتوى : هل يجوز تأخير الصيام في كفارة اليمين حتى تنتهي موجة الحر ؟
أريد أن أسأل هل يجوز تأخير صوم كفارة اليمين بسبب شدة الحر، أريد فقط تأخيرها لحين زوال موجة الحر؛ لأن علي اثني عشر يوما؟
الحمد لله.
أولا :
كفارة اليمين ذكرها الله تعالى في قوله سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ المائدة/89.
فيخير الحانث بين واحدة من ثلاث خصال : إما إطعام عشرة مساكين، وإما كسوتهم، وإما تحرير رقبة.
فإن عجز عن الثلاثة: انتقل إلى الصيام، ولا يجوز له أن ينتقل إلى الصيام وهو قادر على الإطعام.
وينظر لمعرفة كفارة اليمين بالتفصيل جواب السؤال رقم: (45676).
ثانيا :
إذا حنث المسلم في يمينه وجب عليه المبادرة بكفارة اليمين فورا، ولا يجوز له تأخيرها ما دام مستطيعا لذلك.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " قضاء النذر، والكفارة عندنا: على الفور" انتهى، من "الفتاوى الكبرى" (5/518).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " كذلك من حفظ اليمين: إخراج الكفارة بعد الحنث ، والكفارة واجبة فورا؛ لأن الأصل في الواجبات هو الفورية، وهو قيام بما تقتضيه اليمين" انتهى من "القول المفيد على كتاب التوحيد" (2/ 456)، وينظر: "الشرح الممتع" (15/159) .
ثالثا:
إذا كان المسلم سيكفر عن يمينه بالصيام ، وكان الجو شديد الحرارة بما يشق عليه الصيام ، ويخرج عن المشقة المعتادة ، فالظاهر أنه يجوز له التأخير إلى أن تنتهي تلك الموجة الحارة، ليكون صيامه معتدلا، فإن تأخير الواجب إذا كان لحاجة أو مصلحة جائز.
يقوي ذلك أن نفس الفور أو التراخي في وجوب الكفارة، هو من مسائل الخلاف السائغ.
جاء في "الموسوعة الفقهية" (10/14): " ذَهَبَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ : إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَأَنَّهَا تَجِبُ بِالْحِنْثِ عَلَى الْفَوْرِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي" انتهى.
وحيث كان الأخذ بالقول بالفورية، مما يشق على المكلف مشقة زائدة، ساغ له العمل بقول من يرى الكفارة على التراخي.
وقد نص العلماء على جواز تأخير الزكاة ، إذا كان ذلك لمصلحة أو حاجة، ووجوب الزكاة آكد من جوب كفارة اليمين، فإنها ركن من أركان الإسلام.
فقد ذكر العلماء أن له تأخير الزكاة إذا كان فقيرا محتاجا إليها ، ثم يخرجها إذا أيسر، وله تأخيرها لإعطائها لقريب، أو لأشد حاجة .
ينظر : "الإنصاف" للمرداوي (7/141).
وينظر جواب السؤال رقم: (284277).
فإذا جاز تأخير إخراج الزكاة للحاجة أو المصلحة ، فكفارة اليمين كذلك، فإن وجوبها دون وجوب الزكاة.
والله أعلم.