عنوان الفتوى : شتائم وخلافات مستمرة مع الزوج فهل تطلب الطلاق ؟
أنا متزوجة ولي ثلاثة أطفال ، دائماً في شجار مع زوجي ويدَّعي بأنني لا أطيعه ، في بعض الأحيان وفي نهاية الشجار أتلفظ بألفاظ لا يتلفظ بها المتقون وربما قالها هو ، وفي 80 % من الحالات أشعر بأنني امرأة سيئة ، وأن الملائكة تلعنني بالليل ، وأشعر بأنني يجب أن أطلب السماح حتى لو أنني لست مخطئة ، حينها أشعر بالراحة ، ولكنني أشعر بالذنب ، حين يقول عني زوجي بأنني دائماً أشتكي ، ولو قلت كل ما يقوله زوجي عني لمكثت ساعات ، زوجي يبالغ ويقول بأنه يريد أن يكون هو الرجل ، فقلت له : إذاً لماذا لا نفترق كما قالت الآية . لا أشعر بالسعادة في حياتي ولا هو كذلك ، أشعر بأنه ليس صادقاً مع نفسه لأنني لو كنت غير مطيعة له ودائماً أشتكي وأتصرف كالرجال فلماذا أبقاني معه حتى الآن ؟ . أرجو أن تساعدني وتنصحني لأنني لا أريد أن أغضب الله ولا أغضب زوجي ، هو يقول بأنني أغضبه كل يوم ودائماً أجادل . أسأل الله المغفرة ، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
الحمد لله
شرع الله عز وجل الزواجَ وامتنَّ به على الإنسان وجعله من آياته عز وجل ، وأخبر أن
من أعظم حكَم الزواج وجود السكن والمودة والرحمة بين الزوجين ، قال الله تعالى :
وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا
إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً [ الروم / 21
] .
ولا يتم ما أراده الله تعالى من الزواج إلا إذا تحقق حسن العشرة بين الزوجين ،
وذلك بأن يؤدي كل منهما ما يجب عليه نحو الآخر .
فيجب على الزوجة أن تطيع زوجها بالمعروف ، وأن تمكنه مما أباح الله له من الاستمتاع
، وأن تقرَّ في بيتها ولا تخرج منه إلا بإذنه ، ولها على زوجها الكسوة والنفقة
والسكنى بالمعروف ولها عليه المعاشرة بالمعروف ، قال الله تعالى :
وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ [ النساء / 19] .
والوصية للزوج – أولاً – أن يؤدي الذي عليه تجاه زوجته ، فإن رأى منها تقصيراً في
جانب فعسى أن تكون جوانب أخرى فيها تدعوه للإبقاء عليها وعدم تطليقها ، قال تعالى
: فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ
اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [ النساء / 19 ]
، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يَفْرُك مؤمنًا مؤمنة إن كره منها
خلقًا رضي منها آخر " رواه مسلم ( 1469 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ،
ومعنى " يَفْرُك " : أي : يبغض .
ونحن نرى أن الزوج قد فعل هذا ، وأنه مع ما يجده من زوجته إلا أنه يصبر على أذاها ،
ولعلَّ هذا هو ما تعجبتْ منه الأخت السائلة ، وأنه لماذا لا يطلقها ، فقد يرى الزوج
بحكمته وعقله أنه يوجد مجال لإصلاح الزوجة وتغيير طباعها ، ويرى مفاسد تشتت الأسرة
وضياع الأولاد بالطلاق أكثر من مفسدة الشجار وتطاولها عليه .
والوصية للزوجة أن تتقي الله تعالى في زوجها ، ولتعلم أنه جنتها ونارها ، فقد تدخل
بسببه الجنة وقد تدخل النار ، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " انظري أين أنتِ
منه – أي : الزوج - فإنما هو جنتكِ وناركِ " – رواه أحمد ( 18524 ) وحسَّنه
الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 220 ) - وقد أوجب الله تعالى
عليها طاعته بالمعروف ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم النساء بعظم حقه عليها وأنه
لو كان آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمر الزوجة أن تسجد لزوجها – كما رواه
الترمذي ( 1159 ) وحسَّنه من حديث أبي هريرة - .
فالمرأة العاقلة تؤدي الذي أوجبه الله عليها ، ولا تتعدى حدود الله عز وجل ، ومِن
تعدي المرأة على زوجها : سبُّها له ، وكثرة خصامها معه ، وإذا كان ثمة أولاد بينهما
كان ذلك– منها – زيادة في الإثم لما في سبِّها له من تسببها في جرأة أولادها على
أبيهم ، وفقدان مهابته في قلوبهم ، وهو ما يؤثر سلباً في تربيتهم .
وإذا كنتِ تعلمين من نفسكِ أنه يمكنكِ إصلاح ما أخطأتِ به فعليك بالمبادرة إلى
الإصلاح ، وذلك بالاستغفار والتوبة والندم والعزم على عدم العود لمثل تلك الفعال ،
كما يجب عليك طلب المسامحة من زوجك ، والقيام بطاعته ومعاشرته بالمعروف ، فتكسبين
بذلك رضا الله ، ورضا زوجكِ ، وحسن تربية أبنائك ، وهي السعادة البيتية التي
يفتقدها الكثيرون ، وحلُّها بأيديهم ، لكنهم عنها غافلون أو عن إصلاحها مستكبرون .
وإن رأيتِ من نفسك عدم القدرة على إصلاحها أو عدم النية لذلك : فإننا ننصحكِ
بالفراق ، وطلب الخلع من زوجك ، وعليك أن تؤدي له ما تصطلحون عليه من المهر أو أقل
أو أكثر ليطلقكِ ، وهذا خير لك من التمادي في المعصية وازدياد اكتساب الإثم .
فاحرصي – بارك الله عليكِ – على إصلاح بيتكِ وإسعادِ زوجكِ وتربية أبنائك ، واحرصي
على بقائك في عصمته بتحسين خلقكِ والكف عن كل ما ترينه شائناً لك ومفرِّقاً بينكِ
وبين زوجكِ ، ونرى في كلامكِ التحسر على ما يصدر منكِ من أفعال مخالفة للشرع ، وهذا
طيب ولكنه يحتاج لتقوية وتثبيت ، واحرصي على الدعاء في أوقات الإجابة أن يطهر الله
تعالى قلبك وجوارحكِ ، وأن يرزقك حسن الأخلاق ، ولا تترددي بالاعتراف بأخطائك لزوجك
، وتعاهدي معه على الصلح وإصلاح نفسيكما ، والكف عن الشجار والشتائم ، واحرصا على
الصحبة الصالحة ، وننصحكما بأداء العمرة معاً ، وأن يكون لكما برنامج لتقوية
إيمانكما وزيادة الصلة بينكما كالصيام وقراءة القرآن وسماع الأشرطة المفيدة .
ونسأل الله أن يوفقكما لما فيه خير الدنيا والآخرة .
والله الموفق
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |