عنوان الفتوى : الاستدلال بالرُّؤَى على حال الميت
والدي -رحمة الله عليه- كان إنسانًا فاضلًا ذا خُلُق مصليًّا، لا يقبل أبدًا مالًا حرامًا، جمع الله له من حسن الخُلُق ومحبة الناس ما يشاد به، لكنه كان يتعامل بالقروض الربوية -غفر الله له-.
وما لاحظناه أنا وإخوتي بعد وفاته أنه لم يأتِنا في المنام برؤيا فيها بهجة وسرور، كما كان معتادًا منه، بل إما أن يُعرِض عنّا، وإما أن نستنتج من الحلم أنه ليس في أحسن حال، علمًا أنني سدّدت عنه كل ما عليه من ديون لكل من استطعت معرفته، أو طالبني بذلك.
لاحظنا ذلك خصوصًا بعد وفاة أمّي، وكانت -فيما يظهر لنا- من الصالحات، وكانت أكثر تديّنا بشكل واضح من أبي، ودائمًا -ولله الحمد- تأتينا في المنام بخير حال، ونسعد جدًّا بحسن الرؤيا التي نراها فيها، وتكاثرت الرؤى من الأقارب بحسن حالها، وسعادتها -ولله الحمد والمنّة-.
أنا قلق جدًّا جدًّا على والدي، وأدعو الله له بالعفوّ، ولكني لا أرى تغيّرًا ملحوظًا، ولا أعرف كيف أطمئنّ عليه، إن كانت هذه الأحلام دليلًا حقيقيًّا على حاله، ولا أرى أنا وإخوتي شيئًا في سيرته يُقلِق سوى التعامل الربويّ، علمًا أنه كانت له دلالات حسن خاتمه طيبة جدًّا قبل وفاته، كقراءته لنهاية سورة الفجر مثلًا بينما هو غير مدرك، ولا يتكلّم معنا، وقد توفّاه الله بمرض شديد هو سرطان الرئة، ثم انتشر في سائر الجسد-، فأفيدوني.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يغفر لأبيكم، ويرحمه، وأن يتجاوز عنه، ويعفو عنه بمنّه، وكرمه، وأن يتقبّل منه كل عمل صالح، ويتجاوز عنه في كل عمل سيئ.
كما نرجو أن يكون ممن ختم الله لهم بالخير، وأن تكون قراءته لآخر سورة الفجر بشارة له بذلك، يقول الله تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي {الفجر:27-30}.
أما ما ترونه في المنام عن والدكم، أو عن غيره، فلا يمكن أن نحكم عليه بشيء، وقد بيّن الرسول صلى الله عليه وسلم أنواع الرؤيا، فقال: إن الرؤيا ثلاث: منها أهاويل من الشيطان؛ ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهمّ به الرجل في يقظته، فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة. رواه ابن ماجه، وصححه البوصيري، والألباني.
وقال أيضًا صلى الله عليه وسلم: الرؤيا ثلاثة: فرؤيا صالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره؛ فليقم، فليصلّ، ولا يحدّث بها الناس. رواه مسلم. وفي رواية للبخاري: وتخويف الشيطان. بدل: وتحزين.
والله أعلم.