عنوان الفتوى : المعاصي بريد الأزمات النفسية والتفكير في الانتحار
أنا طالب بالثانوية العامة لم أدخل الامتحان السنة الماضية، لأني لم أجد نفسي مستعداً له، المهم أنا رسبت على الرغم من أنني لم أرسب طوال عمري، وكنت من المتفوقين حتى الصف الأول الثانوي، وأنا الآن سأعيد الثاني الثانوي، هذا كله (أمارس العادة السرية منذ الثاني الإعدادي، الأمر الذي أدى إلى كره نفسي والغضب منها جداً، وهذا الإحساس أن الله يغضب علي، حيث أنني كنت في أمس الحاجة لرضى الله على الحصول على المجموع الذي يؤهلني لدخول كلية الإعلام قسم الصحافة، بسبب هذه العادة لم أصل غير القليل جداً، وكرهت الدنيا بما فيها حتى وصلت بي الدرجة لكره الله عز وجل شاعراً أن هذا ظلم منه لي لأن هناك الكثير الذين يمارسون العادة السرية ولم يعاقبهم -استغفر الله-، لم أذاكر إلا القليل طوال العام الماضي والآن ليس لدي أي رغبة في المذاكرة، كنت وما زلت أشدد في ممارستها كي أهرب من الواقع الدراسي، وحاولت مراراً وتكراراً أن أمنعها ولم أقدر، لا أصلي كسلا من التطهر المستمر طوال اليوم، أنا مخنوق جداً وخائف أرسب هذه السنة وأخرج من التعليم، أنا شاطر جدا وعندي هواية الصحافة والقراءة في السياسة وأفكر في الكون وكيفية خلقه وأجد من يصدوني بكلماتهم الغليظة لي، وقليلا كتب الفقه المختصة في كيفية النكاح والزواج، وأنا الآن أقرأ في الدين وعندي رغبة شديدة في التوبة ولكن لا أعرف كيف، أنا الآن منذ شهر يوليو 2002 وأنا مريض نفسياً وأتعالج وآخذ دواء، وأكسر الحاجات وأتشنج كثيراً، ومكتئب جداً جداً، وكثيرا ما حاولت الانتحار، أفكر كثيراً في الموت وخائف أموت بهذه الصورة، عندي اثنين من أصدقائي ماتوا واحد في حادثة قطار والآخر في حادث بسيط من الدراجة في عامي 1998، 2001 وأثروا علي جداً، الآن أنا سمين جداً، ولكن أحاول التأقلم مع الظروف، أريد أن أتوب عن العادة السرية، وأتركها وأتخلص من حالة الاكتئاب هذه، نفسي أخدم الإسلام والعالم العربي، ونفسي أنجح وأدخل كلية الإعلام أو الحقوق كي أحقق العدل بين الناس، والله لا أكذب في أنني أحاول أطبق العدل في حياتي أملا في تحقيقه عبر الوظيفة أريد من سيادتكم إرشادي إلى حل عملي ولاسيما أن الامتحان في 10/6/2004، أنا حاصل على 89% في الإعدادي وأولى ثانوي 87%) وشكراً لكم سدد الله تبارك وتعالى خطاكم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما العادة السرية وترك الصلاة والانتحار فقد تكلمنا عنهم في فتاوى كثيرة، ولك أن تراجع أحكامها في كل من الفتوى رقم: 7170، والفتوى رقم: 1145، والفتوى رقم: 10397.
ثم إن كرهك لله وشعورك أن فعله فيه ظلم -حاشاه من ذلك- هو من أكبر الآثام، وأشد المعاصي، وأقبح الكفر، وفيه تكذيب لقول الله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [النساء:40]، وقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [يونس:44]، وقوله تعالى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ [فصلت:46]، ثم كيف تدعي أنك في أمس الحاجة إلى رضا الله، وأنت لا تطيعه في أداء الصلاة أو ترك ما حرم عليك من العادة السرية، ثم ما فائدة تأهيلك لدخول كلية الإعلام، إن كان الله ساخطاً عليك.
فاعلم أخي أن الذي أنت فيه من أزمات نفسية وقلق وتفكير في الانتحار وغير ذلك إنما هو بسبب عصيانك لله تعالى، فقد قال الله تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124]، فبادر إلى التوبة ولا تقنط من رحمة الله، فإن التوبة تسبب حب الله للعبد، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، واحرص على أن لا تموت على الكيفية التي أنت بها، وأعلم أن الموت مباغت لا يعرف له وقت، ويدلك على ذلك موت الفجأة الذي وقع لصديقيك، فشد العزم للطهارة وأداء الصلاة وذكر الله وترك العادة السرية وفعل الخيرات كلها، وستلاحظ أنك صرت شخصاً آخر، وستشرق لك الدينا بعد ما كانت مظلمة عليك.
والله أعلم.