عنوان الفتوى : حكم من أخذ لقطة بقصد الخيانة
هناك شخص وجد هاتفا فأخذه لنفسه دون أن يرجعه لصاحبه، وكسر الخط. ولم تكن هناك وسيلة لإيجاد رقم، أو دليل على الهاتف للاستدلال على صاحبه، ومن ثم إرجاعه.
ثم تاب فاعل هذا الفعل، وذهبنا إلى مكان اللقطة وسألنا الناس المقيمين هناك قريبا من المحلات: من وقع منه هاتف في هذا المكان منذ يومين؟ أو هل سألكم أحد عن هاتف وقع منه؟
وقدمنا رقم هاتف ليتصلوا بنا إن وجدوا أحدا يبحث عن هاتفه، فيعرفه، فنرجعه له. لم يتصل أحد لمدة تقريبا تجاوزت الشهر، وجدنا فتاوى عبر الإنترنت عن أنه يمكن إرجاع السرقة إلى أصحابها عن طريق وضعها في بيت المال، أو مكان الصدقة بنية الذهاب لصاحبها، أو التصدق بها عنه. ومن ثم ذهبنا لبيع الهاتف لوضع ثمنه، فقال صاحب محل الهواتف بأنه يقدر ثمنه ما بين كذا وكذا إن شئت أن تبيعه، ثم قال أحد الأقرباء: أنا أشتريه وتضعون ثمنه، وإن وجدتم صاحبه وسأل عنه، أعطيه له دون مقابل، وأحتسب مالي عند الله -تعالى- إن شاء الله. وهو يعلم بالموقف ووضع الهاتف وكيف جاء.
فهل هو حلال للرجل الذي اشتراه بعد دفع ثمنه؟ وهل يدفع السعر الحالي للهاتف في الوقت الذي وجدناه فيه، أم يدفع سعره الأصلي كأنه جديد وهل يصح هذا الفعل؟
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ هذا الشخص الهاتفَ لنفسه بنية عدم إرجاعه، وكسر شريحة الخط، يُعَدّ خيانة.
ومن أخذ لقطة بقصد الخيانة فلا تحل له، ولو عرّفها سنة كاملة، ويلزمه ضمانها لصاحبها، ففي الحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي وغيره.
قال ابن قدامة في المغني: إذا التقط لقطة عازما على تملكها بغير تعريف، فقد فعل محرما، ولا يحل له أخذها بهذه النية، فإذا أخذها لزمه ضمانها، سواء تلفت بتفريط، أو بغير تفريط. ولا يملكها وإن عرفها؛ لأنه أخذ مال غيره على وجه لا يجوز له أخذه، فأشبه الغاصب. اهـ.
وقال النووي في منهاج الطالبين: إن أخذ بقصد الخيانة فضامن، وليس له بعده أن يعرف ويتملك. اهـ.
ولا يصح بيع هذا الهاتف؛ لأنه في حكم المغصوب، وعليك أخذه ممن بعته له، وردّ ما دفعته له من نقود.
وابذل وسعك في الوصول إلى صاحب الهاتف، فإن عجزت عن الوصول إليه، فالواجب حينئذ التصدق به في مصالح المسلمين، ووجوه البر صدقة عن صاحبه. وراجع في ذلك الفتوى: 58530.
والله أعلم.