عنوان الفتوى : حالات مشروعية حرق كتب العلم

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

تحية من القلب لكم. فهذا الموقع الكريم سبيل لنا للعلم والتفقه في ديننا، فجزاكم الله خير الجزاء.
عندي كثير من الكتب القيمة الدينية، وهي رفيقتي ومؤنستي في بيتي، ونحن في عصر قلت القراءة فيه من الكتب؛ لأن جلّ قراءتنا من الجوال ننتقل من كتاب إلى كتاب بسهولة ويسر، ولكن ما يؤرقني في مجموعة الكتب أن عندي قسما قُدِم لي هدية من صاحبة لي، وهي لشخص معروف، وهو ممن يلقبون بعلماء السلاطين، وأشعر كأنها عقارب بين الكتب، لا أستطيع أن أقدمها لأحد؛ لأنني لم أعد أثق بكتاباته، ولا أقرؤها.
هل صحيح كتاب موجود في بيتك لا تقرؤه يشهد عليك يوم القيامة؟ وقسم آخر أيضا كتيبات صغيرة يوزعونها في الحج، وتكاثرت عندي بسبب أن كثيرا من الأصدقاء يرسلونها لي على أن أتصرف فيها بمعرفتي، وجلّها متعدد النسخ. هل إذا حرقت الكُتيبات أأثم؟ لأنني أرى الناس من حولي لا تهمهم هذه الكتب، وخصوصا نحن في عصر التطور التكنولوجي والإلكتروني. كل ما يريدون معرفته يسألون عنه مواقع التواصل المرئية والسمعية بسهولة ويسر.
أفيدوني، بارك الله فيكم.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله أن يوفقك.

وأما قولك: (هل صحيح كتاب موجود في بيتك لا تقرؤه يشهد عليك يوم القيامة) فهذا ليس بصحيح، ولا نعلم له أصلا في الشرع.

وننصحك بالحذر من الطعن في العلماء دون بينة أو حجة، وانظري الفتاوى: 195969 - 4402 - 222352.

ثم إن انحراف العالم وتقصيره لا يقتضي نبذ كتبه، واطِّرَاحها، وعدم الاستفادة مما فيها من حق وعلم نافع.

وأما الكتيبات الشرعية النافعة متعددة النسخ: فنوصيك بوضعها في المساجد، أو المكتبات العامة، أو البحث عمن يحتاج إليها، وأما حرقها مع إمكان الانتفاع بها والاستفادة منها؛ فلا ينبغي.

وأما إذا كانت تلك الكتب موقوفة، وليست ملكا لك، فلا يجوز لك حرقها، أو التصرف فيها بما يبطل منفعتها -ما دام الانتفاع بها ممكنا-.

فحرق المصاحف وكتب العلم إنما يشرع إذا بليت، واندرست، وتعذر الانتفاع بها.

جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع للبهوتي: (ولَوْ بَلِيَ المُصْحَفُ أوْ انْدَرَسَ دُفِنَ نَصًّا) ذَكَرَ أحْمَدُ أنَّ أبا الجَوْزاءِ بَلِيَ لَهُ مُصْحَفٌ، فَحَفَرَ لَهُ فِي مَسْجِدِهِ فَدَفَنَهُ. وفِي البُخارِيِّ أنَّ الصَّحابَةَ حَرَقَتْهُ بِالحاءِ المُهْمَلَةِ لَمّا جَمَعُوهُ، وقالَ ابْنُ الجَوْزِيِّ: ذَلِكَ لِتَعْظِيمِهِ وصِيانَتِهِ، وذَكَرَ القاضِي أنَّ أبا بَكْرِ بْنَ أبِي داوُد رَوى بِإسْنادِهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ قالَ: دَفَنَ عُثْمانُ المَصاحِفَ بَيْنَ القَبْرِ والمِنبَرِ. وبِإسْنادِهِ عَنْ طاوُسٍ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرى بَأْسًا أنْ تُحَرَّقَ الكُتُبُ، وقالَ: إنّ الماءَ والنّارَ خَلْقٌ مِن خَلْقِ اللهِ .اهـ.

وقال ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى: أما المصحف العتيق، والذي تخرق، وصار بحيث لا ينتفع به بالقراءة فيه؛ فإنه يدفن في مكان يصان فيه، كما أن كرامة بدن المؤمن دفنه في موضع يصان فيه. اهـ.

والله أعلم.