عنوان الفتوى : موت الواهب قبل قبض الموهوب له للهبة!

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لدي أخي الاكبر أعطت له الوالدة في حياتها مبلغ مالي من أجل شراء سكن لأخي الصغير . وبقي أخي الأكبر يماطل في شراء السكن من أجل اغراضه الشخصية، وبعد مدة من الزمن توفت الوالدة ولم يشتري السكن. هل هذا المبلغ يرجع إلى الورثة ليتقاسمه أو تبق وصية حتى يشتري السكن المتفق عليه. مع العلم أن الوالدة قبل مماتها بأشهر قليلة وبعد ما أحست أن المبلغ التي أعطته إلى الأخ الاكبر قد أتلف ولم يبق منه شيء اجتمعت مع بناتها وقالت لهم إن المبلغ الذي أعطيته الى أخيكم الكبير مجرد سلفة فقط . ما حكم الشرع في هذا المبلغ بعد وفاة الوالدة وشكرا .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

المبلغ الذي عند أخيك، يحتمل حالتين:

الأولى: أنه سلفة كما قالت أمكم -رحمها الله- عند موتها.

وفي هذه الحالة فإنّ المال الذي في ذمة أخيكم الأكبر يرجع في التركة، إلا إذا أسقط الورثة جميعهم، حقهم ، وتنازلوا له عما في ذمته، وكانوا أهلا للتصرف وقت التنازل.

الثانية: أن يكون حقيقته المبلغ الذي وكّلت به أمكم الأخ الأكبر ليشتري به شقة للأخ الأصغر. فهذا أيضاً يرجع في التركة، إلا إذا رضي الورثة أنه للأصغر فهذا حق لهم.

ووجه رجوعه في التركة: أن الشراء لم يتم، فضلا عن القبض، وأي مال وُهب من شخص لآخر، ثم توفي الواهب قبل أن يقبضه الطرف الذي وهب له، فإنّ المال يرجع في التركة.

فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: "إِنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ نَحَلَهَا جُذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ مَالِهِ بِالْعَالِيَةِ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، قَالَ: وَاللَّهِ يَا بُنَيَّةُ، مَا مِنَ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ غِنًى بَعْدِي مِنْكِ، وَلا أَعَزُّ عَلَيَّ فَقْرًا مِنْكِ، وَإِنِّي كُنْتُ نَحَلْتُكِ مِنْ مَالِي جُذَاذَ عِشْرِينَ وَسْقًا، فَلَوْ كُنْتِ ‌جَذَذْتِيهِ، وَاحْتَزْتِيهِ كَانَ لَكِ، فَإِنَّمَا هُوَ الْيَوْمَ مَالُ وَارِثٍ، وَإِنَّمَا هُوَ أَخُوكِ وَأُخْتَاكِ، فَاقْسِمُوهُ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ" رواه مالك في الموطأ (808) والبيهقي في السنن الكبرى (12070) وصححه الألباني في الإرواء (1619).

قال ابن قدامة رحمه الله: " وإذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض، بطلت الهبة، سواء كان قبل الإذن في القبض أو بعده، ذكره القاضي في موت الواهب؛ لأنه عقد جائز فبطل بموت أحد المتعاقدين، كالوكالة والشركة، وقال أحمد، في رواية أبي طالب، وأبي الحارث، في رجل أهدى هدية فلم تصل إلى المهدي إليه، حتى مات، فإنها تعود إلى صاحبها ما لم يقبضها. وروي بإسناده عن أم كلثوم بنت أبي سلمة، قالت: (لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة، قال لها: إني قد أهديت إلى النجاشي حلة وأواقي مسك، ولا أرى النجاشي إلا قد مات ولا أرى هديتي إلا مردودة علي، فإن ردت فهي لك. قالت: فكان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وردت عليه هديته، فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية من مسك، وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة)" انتهى من "المغني" (5/ 381).

أما كونه يبقى وصية، فلا تصح، فإن الأم لم توص بذلك قبل موتها، بأن يشترى للابن الصغير شقة بعد موتها، كما هو حقيقة الوصية. ثم إنها لو فعلت، لم تصح أيضا؛ فإنه لا وصية لوارث كما جاء في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه أبو داود (2870) والترمذي (2120)، والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود.

والحاصل:

أن الواجب رد المال إلى التركة بكل حال؛ إلا أن يتراض الورثة على شيء، وهم بالغون راشدون، فلهم ذلك.

والله أعلم

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...