عنوان الفتوى : اتخاذ القرار بناء على رمي العملة من الطيرة
شاهدت فيديو لأحدهم، صمم برنامج كمبيوتر، حتى يأخذ عنه قراراته الشخصية، إلى أين يذهب، أين يأكل، وما إلى ذلك. أراد أن يجرب كيف ستسير حياته بناء على احتمالات عشوائية (ظاهريا).
سؤالي كالتالي: أنا أردت أن أخوض التجربة، وقمت بتبسيط المسألة، ووضع قطعة نقود في جيبي، وعند وجوب أخذ قرار على أيّ صعيد، أقوم برمي العملة، وأخذ القرار بناء على نتيجة الرمي، وهي إما أن أقوم بفعل الأمر، أو الرجوع عنه. لكن حقيقة، لا أشعر بالارتياح نحو ما أقوم به. فهل ما أفعله جائز؟ أم ما أفعله حرام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تفعله من اتخاذ القرارات بناءً على ما يظهر من العملة بعد رميها؛ فهو غير جائز، لدخوله في الاستقسام بالأزلام المنهي عنه، قال تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ....} [المائدة: 3]
وقد شرع الله لنا الاستخارة بدلا من هذا العبث، فمن أراد أمرا مباحا؛ وتردد بين فعله وتركه؛ فالمشروع له أن يستخير الله تعالى، ثم يمضي في الأمر، متوكلا على الله.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: فنهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن تصد الطيرة العبد عما أراد. فهو في كل واحد من محبته للفأل، وكراهته للطيرة، إنما يسلك مسلك الاستخارة لله، والتوكل عليه، والعمل بما شرع له من الأسباب. لم يجعل الفأل آمرا له، وباعثا له على الفعل، ولا الطيرة ناهية له عن الفعل، وإنما يأتمر وينتهي عن مثل ذلك أهل الجاهلية الذين يستقسمون بالأزلام، وقد حرم الله الاستقسام بالأزلام في آيتين من كتابه، وكانوا إذا أرادوا أمرا من الأمور أحالوا به قداحا مثل السهام، أو الحصى، أو غير ذلك، وقد علموا على هذا علامة الخير، وعلى هذا علامة الشر، وآخر غفل. فإذا خرج هذا فعلوا، وإذا خرج هذا تركوا، وإذا خرج الغفل أعادوا الاستقسام. فهذه الأنواع التي تدخل في ذلك: مثل الضرب بالحصى، والشعير، واللوح، والخشب، والورق المكتوب عليه حروف أبجد، أو أبيات من الشعر، أو نحو ذلك، مما يطلب به الخيرة. فما يفعله الرجل، ويتركه ينهى عنها؛ لأنها من باب الاستقسام بالأزلام، وإنما يسن له استخارة الخالق، واستشارة المخلوق، والاستدلال بالأدلة الشرعية التي تبين ما يحبه الله، ويرضاه، وما يكرهه، وينهى عنه. وهذه الأمور تارة يقصد بها الاستدلال على ما يفعله العبد: هل هو خير أم شر؟ وتارة الاستدلال على ما يكون فيه نفع في الماضي والمستقبل. وكلاهما غير مشروع، والله سبحانه وتعالى أعلم. انتهى من مجموع الفتاوى.
وراجع في كيفية الاستخارة الفتوى: 61077.
والله أعلم.