عنوان الفتوى : تملّك الحمام البريّ الذي يدخل أبراج تربية الحمام
عندنا في بلادنا ما يسمى: الحمّام البريّ، وهو -في غالب علمي- حمام ليس له صاحب، فهو يطير، وإن وجد برجًا دخل فيه، وأحيانًا يدخل في مكان تربية الحمام عندي في الحجرة حمام من هذا الحمام، فهل يجوز لي ذبحه وأكله؟ جزاكم الله عز وجل خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فدخول الحمامِ الأبراجَ أمرٌ معهود مشهور من قديم؛ ومع ذلك لم يحرم العلماء اتخاذ أبراج الحمام، وقد عقد اللخمي في «التبصرة» بابًا في إحداث هذه الأبراج، ودخول بعضها على بعض، فقال: قال مالك: "من أَمْر النَّاس اتّخاذ الأبرجة، وإن عمرتْ من حَمام النَّاس، فلا بأس به".
يريد أن من أمر النَّاس: أنَّ كل من بَنَى برْجًا قد تقدَّمه غيره، فالذي أحْدثَ من عشر سنين تقدَّمه غيره بتاريخٍ قبلَ ذلك، والآخر أيضًا تقدَّمَه غيره، وكلّ واحد لا ينفكّ أَنْ يصيرَ إليه من برج من تقدَّمه، وهو أمر لا يقدر النَّاس على الامتناع منه، وهو ممَّا تدعو إليه الضرورة ... اهـ.
ولذلك، فإن الحمام البري مما يُخفَّف فيه، طالما لم يتعمّد صاحب الدار أو البرج حبسه عنده، فإن عرف صاحبه أو برجه، ردَّه إليه، وإذا لم يُعرَف له صاحب، فله تملكه، قال اللخمي: إذا أوى حمام برجٍ إلى دار رجلٍ، ولم يكن حبسه، وعلم أنَّه بريٌّ، ولم يعرف صاحبه، جاز له ملكه، وإن عَرَفَ برجَه، ردَّه. اهـ.
وهذا بخلاف حمام البيوت المملوك؛ فإن حكمه حكم اللقطة، قال اللخمي: إن كان من حَمام البيوت، فإن أوى إليه من غير تعرّض لحبسه، كان حكمه حكمَ اللّقطة، فهو بالخيار بين بيعه والصدقة بالثمن، أو يحبسه ويتصدق بقيمته، وإن حبسه ولم يتصدَّق بشيء، فواسع، وقد استخف مالك حبسَ الشيء اليسير من اللّقطة. اهـ.
وقال ابن شاس في «عقد الجواهر الثمينة»: وأما حمام البيوت المملوكة، فهي كالحيوان الداجن، من دخل إليه منها شيء، فهو كاللقطة. اهـ.
وقال ابن أبي زيد القيرواني في «النوادر والزيادات»: النحل، وحمام الأبرجة، أصلها التوحّش والناد، فأما حمام البيوت، فكاللقطة، إن لم يعرف ربها في إنشادها، تصدق بها. اهـ.
وفي حال الشك في هذا الحمام: هل هو مباح أو مملوك؛ فالأصل أنه مباح، قال النووي في «روضة الطالبين»: من دخل برجه حمام، وشك هل هو مباح أم مملوك؟ فهو أولى به، وله التصرف فيه؛ لأن الظاهر أنه مباح. اهـ.
والله أعلم.