عنوان الفتوى : ما حكم ممارسة طبيب الامتياز مهنة الطب قبل الترخيص له؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

قرأت بحكم عمل طبيب الامتياز أنه حرام؛ لعدم حصوله على مزاولة مهنة. لكن تحدثني نفسي بأمرين: أما الأول: لم يكن في عهد الصحابة شهادات علمية من جهات مختصة في المهن، فالشهادة أمر مستحدث في أمور الدنيا، وليست أصلًا، كما أنها ليست حَكَمًا صادقا على كفاءة الطبيب من عدمه، وهناك أطباء لم يحصلوا على مزاولة المهنة هم أفضل وأقوم ممن حصل على مزاولة المهنة منذ فترة وجيزة؛ لأن الأول اعتنى بالحياة العملية، والثاني اعتبرها فترة راحة بين السنين الدراسية وبدء حياته. ٢- وأما الأمر الثاني: هل إذا كنت في موضع وجدت فيه شخصا مصابا بمرض أو حادث ما، وأنا أملك من العلم والخبرة ما يؤهلني من معاونته، أو شفاءه أو إنقاذه من الموت، هل في هذا الموقف إذا تركته أكون آثمًا؟ ما أعنيه وأردت أن أوضحه هو: أن المعيار الذي يُبنى عليه حكم الطبيب هو كفاءته وقدرته على أداء عمله بأكمل وجه ممكن، سواء أكان معه شهادة قانونية أم لا، فنحن لا نحتكم إلى القانون بل إلى الشرع، وإني أظن لو وجدت أحدهم مريضا أو كذا وإني أعلم يقينًا شفاؤه، ثم تركته بحجة أني لست أملك إذن مزاولة مهنة فسأكون آثمًا. ولأكون منصفًا فإني لم أتعمق في ماهية العمل المتاح لطبيب الامتياز، وهناك فرق بين موقف أصادفه أعلم قدرتي فيه، وبين عمل مستمر تختلف فيه الحالات المرضية. ولكن أجيب على نفسي فأقول حتى وإن كان عمل دوام كامل، فإنه يمكنني ملازمة من كان يعمل فيه، والاستفادة من خبرته حتى أصبح كفءً. وأيضًا لعلي لست من أهل العلم، ولكني أظن أن للفتاوى فقهًا، وإن القول بِحِل العمل سيجعل الأمر سهلًا على قلوب أطباء الامتياز، ويسارعون في العمل مما قد يكون ضرره أكبر من نفعه.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله.

أولا:

لا يجوز لطالب الطب أن يعمل طبيبا، ما لم يحصل على الترخيص بذلك.

ومستند ذلك أمور:

1-أن القانون الذي تضعه الدولة، ويحقق المصلحة: يجب التزامه شرعا، ظاهرا وباطنا.

قال في "تحفة المحتاج" (3/71): "الذي يظهر أن ما أُمر به مما ليس فيه مصلحة عامة لا يجب امتثاله إلا ظاهرا فقط، بخلاف ما فيه ذلك يجب باطنا أيضا" انتهى.

ولا ريب في أن تأجيل الجهات المختصة لمنح الرخصة حتى يجتاز الطالب سنة الامتياز، إنما كان مراعاة لمصلحة عامة، وهي تحصيل التأهيل المطلوب لهذه المهنة التي تتعلق بها أرواح الناس وسلامتهم.

وقد نص بعض الفقهاء على منع الطبيب الجاهل والحجر عليه.

قال ابن نجيم الحنفي رحمه الله: "ومنها: جواز الحجر على البالغ العاقل الحر عند أبي حنيفة رحمه الله في ثلاث: المفتي الماجن، والطبيب الجاهل، والمكاري المفلس؛ دفعا للضرر العام" انتهى من الأشباه والنظائر، ص75

وهذا الطالب قبل الترخيص يعتبر جاهلا، أو غير مؤهل، في عرف أهل الطب.

2-أن الشريعة جاءت برفع الضرر، وهذا الطالب لم يتأهل لمزاولة المهنة، والاستقلال بالرأي فيه، وقد يعمل منفردا في ليل أو نهار، فيحصل بذلك ضرر كبير، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لَا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ رواه أحمد وابن ماجه (2341) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه".

والمرجع في كونه غير مؤهل هو عرف أهل هذا الفن، وهم مقرون بأن هذا الطالب وإن كان لديه معلومات كثيرة، لكنه يحتاج إلى تدريب على المهنة تحت رعاية غيره، وأنه لا يكون صالحا للاستقلال بالعمل حتى يمر بالأطوار المعمول بها اليوم.

3-أن ممارسة الطالب للتطبيب قبل الحصول على الرخصة يدخل في باب الغش المحرم، وذلك أن أكثر المرضى لا يرضون ذلك، ولو علموا أن من قام بتشخيصهم وعلاجهم طالب امتياز، لأبوا ذلك، وعدوه جناية، فإذا لم يعلموا أنه طالب امتياز كان غشا لهم، والغش كبيرة من الكبائر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي رواه مسلم (102).

وما ذكرناه لا يمنع من تدخل هذا الطالب لإنقاذ مريض أو شخص من هلكة، إذا كان يعلم طريقة خلاصه، وفرق بين هذه الحالة التي يتدخل فيها بغير إرادته، وبين أن يكون طبيبا تعرض عليه الحالات الكثيرة المتنوعة التي يلزمه أن يقول فيها برأيه تشخيصا وعلاجا.

والله أعلم

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...