عنوان الفتوى : دلالة وضع علامة (لا) في المصاحف
علامة "لا" في القرآن، تعني عدم الوقف، ولا الابتداء (أحكام التجويد).
السؤال: عند الوقوف عند الاضطرار. هل يجوز الوصل: أي الرجوع لبعض الكلمات؛ ليكتمل المعنى، أو البدء منها؟ مثال: الآية:(20) المزمل، والآية: (31) المدثر؟
ملاحظة: بعض القراء في إذاعة القرآن الكريم، يقفون عندها؟
جزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن علامات الوقف الموضوعة في المصاحف، إنما هي علامات اجتهادية، ولا يجب الالتزام بها وجوبًا شرعيًّا، ما لم يتعمد القارئ وقفًا يفسد المعنى، أو بداية تفسده، وانظر المزيد في الفتوى: 264244.
وأيضا فإن عبارة: "لا" التي أشرت إليها، قد تجعل في بعض المصاحف علامة على الوقف الممنوع، وفي بعض المصاحف علامة للوقف الحسن.
ففي معجم علوم القرآن: علامات الوقف: هي رموز وإشارات اصطلاحية اجتهادية، وضعها العلماء فوق كلمات القرآن الكريم للدلالة على أماكن الوقف الجائزة والممنوعة.
وسنقتصر على العلامات المشتهرة المعمول بها الآن في المصاحف المتداولة، وهي ما وضعه محمد بن علي بن خلف الحسيني وغيره.
م: علامة الوقف اللازم، وهو الذي قد يوهم خلاف المراد إذا وصل بما بعده.
مثال: إِنَّما يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتى يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ [الأنعام: 36].
لا: علامة الوقف الممنوع، وهو المتعلق بما بعده تعلقا يمنع من الوقف عليه، ومن الابتداء بما بعده؛ لأنه لا يفهم المراد منه، أو أنه يوهم خلاف المراد. مثال: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ [النحل: 32]. اهـ باختصار.
وجاء في كتاب معلم التجويد، لمؤلفه: د. خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي.
تقديم: العلامة الشيخ د. عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين:
معنى الوقف الحسن، أي أنه يحسُن الوقف عليه من جهة أنه تامّ المعنى فقط، إلا أنه متعلّق بما بعده لفظاً ومعنى.
ومثاله: [المُزّمل: 20] {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَءوا}.
كما تلحظ -أخي القارئ- فقد وضع علامة (لا) في أثناء الآية، وهي تعني أن الوقف هنا جائز حسنٌ، لجهة إفادة الكلام معنىً صحيحاً، إلا أنه تعلّق بما بعده لفظاً ومعنىً، فلا تبدأ بما بعده حتى تعيد الكلمة الموقوف عليها، بل قد يلزم إعادة كلمات قبلها، وذلك ليتمَّ اتساق المعنى المراد. اهـ.
والوقف على الكلمتينِ في الآيتينِ المذكورتين في السؤال من قبيل الوقف الحسن (في اصطلاح البعض) لأجل تمام المعنى، لكنه متعلق بما بعده، وفي هذه الحالة يحسن إعادة الكلمة الموقوف عليها، أو كلمات قبلها إذا ترتب على ذلك تمام المعنى، فالوقف هنا على غير رأس آية.
يقول الشيخ عبد الفتاح المرصفي في كتابه: هداية القاري إلى تجويد كلام الباري:
الكلام على الوقف الحسن: وهو الوقف على كلام تم معناه، وتعلق بما بعده لفظاً ومعنى مع الفائدة، كأن يكون اللفظ الموقوف عليه موصوفاً، وما بعده صفة له، أو معطوفاً وما بعده معطوفاً عليه، أو مستثنى منه وما بعده مستثنى، أو بدلا وما بعده مبدل منه وما إلى ذلك. ويوجد في رؤوس الآي وفي أثنائها، كالوقف الكافي.
وسمي حسناً؛ لحسن الوقف عليه؛ لأنه أفهم معنى يحسن السكوت عليه. وحكمه أنه يحسن الوقف عليه.
وأما الابتداء بما بعده، ففيه تفصيل؛ لأنه قد يكون في رؤوس الآي، وقد يكون في غيرها.
فإن كان في غير رؤوس الآي، فحكمه أنه يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده؛ لتعلقه به لفظاً ومعنى كالوقف على لفظ "الله" من قوله تعالى: {الحمد للَّهِ} [الفاتحة: 2] فإنه كلام تام يحسن الوقف عليه، ولا يحسن الابتداء بما بعده. لأن ما بعده وهو قوله تعالى: {رَبِّ العالمين} ـ [الفاتحة: 2]، ... صفة للفظ الجلالة .. والصفة والموصوف كالشيء الواحد لا يفرق بينهما. والابتداء حينئذ يكون غير حسن. اهـ.
والله أعلم.