عنوان الفتوى : ما ورد من السنة في رفع الإصبع وتحريكها في التشهد
هل لي أن أعلم السنة الصحيحة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في كل من: رفع الإصبع في التشهد، والإشارة بها وتحريكها؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فجزاك الله خيراً على حرصك على معرفة السنة وتطبيقها، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والهداية إلى سواء السبيل.
واعلم أنه وردت أحاديث صحيحة فيها الإشارة بالسبابة في التشهد، منها ما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في التشهد وضع يده اليسرى على ركبته اليسرى، ووضع يده اليمنى على ركبته اليمنى، وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة). ومنها ما في صحيح مسلم أيضاً عن عبد الله بن الزبير قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد يدعو وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى، ويده اليسرى على فخذه اليسرى، وأشار بإصبعه السبابة، ووضع إبهامه على إصبعه الوسطى، ويلقم كفه اليسرى ركبته). وفي هذا الحديث بعض التوضيح للهيئة المذكورة في الحديث السابق.
ومنها أيضا حديث وائل بن حجر عند النسائي وغيره أنه (رأى النبي صلى الله عليه وسلم جلس في الصلاة فافترش رجله اليسرى ووضع ذراعيه على فخذيه، وأشار بالسبابة يدعو بها).
فهذه الأحاديث فيها الاقتصار على ذكر الإشارة فقط، ولا تدل صراحة على التحريك ولا عدمه.
أما التحريك فقد وردت رواية بإثباته وأخرى بنفيه:
أما إثبات التحريك فهو في بعض روايات حديث وائل بن حجر عند النسائي وغيره وفيه: فرأيته يحركها يدعو بها.
وأما نفي التحريك فهو في بعض روايات حديث عبد الله بن الزبير عند النسائي أيضا وأبي داود وفيه: وكان يشير بإصبعه إذا دعا ولا يحركها.
وليست إحدى هاتين الروايتين بأولى من الأخرى لأن ما يمكن ذكره مرجحاً لإحداها يمكن أن يذكر مثله مرجحاً للأخرى.
والأمر في ذلك واسع. وعلى كل من التحريك وعدمه طائفة من أهل العلم. وقد قال ابن عبد البر في الاستذكار بعد أن ذكر اتفاق العلماء على الإشارة: [إلا أنهم اختلفوا في تحريك إصبعه السبابة: منهم من رأى تحريكها، ومنهم من لم يره، وكل ذلك مروي في الآثار الصحاح المسندة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميعه مباح والحمد لله]. وتعليقاً على كلام ابن عبد البر هذا نقول: إن الذي يقتضيه النظر الصحيح وقواعد الأصول هو: سنية التحريك، لأن المثبت مقدم على النافي، وغاية ما تفيده رواية النفي هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يداوم على التحريك وهذا لا ينافي أصلية سنيته، فلا يدل على أكثر من كون التحريك غير واجب، أو أن المداومة عليه سنة على خلاف بين أهل الأصول فيما يستفاد مما ثبت بمثل هذا الوجه.
ولو قيل بأن الأفضل التحريك تارة وتركه تارة، موافقة لما ثبت عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يبعد.
وأما وقت ابتداء الإشارة وانتهائها فليس في ذلك نص صريح، والظاهر أنه من بداية التشهد كما يظهر من سياق الأحاديث المتقدمة، ويستمر إلى نهاية الدعاء.
والله أعلم.