عنوان الفتوى : كيفية إنكار المنكر على الوالدين
أحد الإخوة في بداية الالتزام كان ينكر على والديه بلطف ولين، وكان أبوه خاصة يغضب عليه أحيانًا، وكانت العلاقة بينه وبين والديه غير جيدة، وتحسّنت العلاقة الآن، لكن هذا الأخ لم يعد ينكر عليهما، ويكتفي بكثرة الدعاء، لكنه أخيرًا انتبه إلى فتوى تقرّر أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كبيرة من الكبائر؛ فخاف أن يكون قد وقع في كبيرة، وهو يريد أن يبدأ الإنكار عليهما والأمر بالمعروف من جديد، لكنه يجد صعوبة في نفسه، أي أنه يجد حرجًا في الإنكار خاصة مع أبيه، فهل يجب الإنكار في كل مرة يرى أباه يؤخر الصلاة عن وقتها دون عذر، خاصة إذا كان هذا على سبيل الدوام؟ وإذا كانت أخته وأمه متبرّجتان، فهل ينكر في كل مرة تخرجان من البيت؟ مع العلم أن هذا الأخ نبّههما في بداية التزامه أن هذه الأفعال حرام، وهل يتوقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا علم الشخص الواقع في الذنب حكم هذا الذنب؟
أريد أن ترشدوا هذا الأخ كيف يمكنه أن ينكر على والديه؛ حتى يرفع عنه كبيرة ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -بارك الله فيكم-.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد سبقت الإجابة عن مثل هذا السؤال بالتفصيل في الفتوى: 308446.
وبناء عليه نقول: إن الأصل إنكار المنكر في حق من حضره، ولكن إن غلب على الظن عدم انتفاع المنصوح، فلا بأس أن يكف عن ذلك، ويتحين اللحظات المناسبة للإنكار والنصح، إذا تيسرت، قال السعدي في تفسيره: فذكِّر بشرع الله وآياته، إن نفعت الذكرى، أي: ما دامت الذكرى مقبولة، والموعظة مسموعة -سواء حصل من الذكرى جميع المقصود أو بعضه-، ومفهوم الآية: أنه إن لم تنفع الذكرى -بأن كان التذكير يزيد في الشر، أو ينقص من الخير-، لم تكن الذكرى مأمورًا بها، بل منهيًّا عنها. اهـ.
وينبغي التلطف في الإنكار، خاصة في حق الوالدين؛ فالإنكار عليهما ليس كالإنكار على غيرهما، قال ابن مفلح: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمَا عَنْ الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ، وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. اهـ.
وننبه إلى أهمية الدعاء لهم بالهداية للحق، والتوفيق للخير والصلاح.
والله أعلم.