عنوان الفتوى : اشتغل بشيء حتى ضاق عليه وقت الصلاة.. الحكم.. والواجب
رَنَّ المنبه لأستيقظ؛ لأصلي صلاة الفجر في المسجد، لكن لم أستطع القيام؛ لأنني نمت متأخرا، فضبطه على ما قبل الشروق بربع ساعة، بما يتسع لصلاة الفجر قبل خروج وقته، وبالفعل رَنَّ المنبه، وقمت، ودخلت الحمام، وتوضأت، وحينما أنا ذاهب لأصلي استيقظت ابنتي الصغيرة ذات السنة وثلاثة أشهر تبكي، فخشيت أن توقظ أمها؛ لأنها أرهقتها في الليل، فمكثت بجوارها قليلا حتى تنام ظَنًّا مني أن هناك متسعا من الوقت لصلاة الفجر، وأنه لن يخرج وقته، ثم قمت لأصلي، فنظرت في الساعة، فوجدت أن وقت الفجر خرج منذ دقيقة.
فهل عليَّ إثم؟ وهل أنا ممن تعمد تأخير الصلاة عمدا؟
أرجوكم أجيبوني؛ لأني أخاف أن أكون ممن ترك الصلاة عمدا، وقد كنت أعلم أن هناك قولا بكفر من ترك صلاة واحدة عمدا حتى يخرج وقتها.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما فعلك الأول وهو العزم على تأخير الصلاة إلى آخر وقتها قبل خروج الوقت بربع ساعة؛ فهذا جائز، ما دام ذلك يكفي لإيقاع الصلاة كلها قبل خروج الوقت، وقد نص الفقهاء على جواز تأخير الصلاة إلى آخر وقتها.
جاء في المجموع للنووي: ويجوز تأخير الصلاة إلى آخر الوقت. اهــ. لكن هذا الفعل خلاف ما أمر به من الصلاة في أول وقتها، وفيه مخاطرة بالصلاة في الوقت لو عرض للمرء أي عارض، كما حصل لك.
وأما ما فعلتَه في آخر الوقت من الاشتغال بإسكات الصغير حتى خرج الوقت، فقد كان الواجب عليك أن تبادر إلى الصلاة، لا أن تشتغل بإسكات الطفل، فمن المعلوم أنه إذا ضاق وقت الصلاة، ولم يبق منه إلا بمقدار فعلها؛ أنه يحرم الاشتغال بغيرها. كما قال البهوتي في الروض المربع بشرح زاد المستنقع: وإن ضاق الوقتُ عن فِعْلِ جميعِها وَجَبت في جميعِ الأحوالِ، وحرُم اشتغالُه بغيرِها. اهــ.
وقال البهوتي كذلك في كشاف القناع عن متن الإقناع: وَيَحْرُمُ اشْتِغَالُهُ بِالطَّهَارَةِ إذَنْ أَيْ حِينَ ضَاقَ الْوَقْتُ، وَكَذَا اشْتِغَالُهُ بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لِلصَّلَاةِ. اهــ.
فاشتغالك بإسكات الطفلة مع ضيق وقت الصلاة فعلٌ محرم، والواجب عليك التوبة إلى الله تعالى، اللهم إلا إذا كنت على يقين أو ظن غالب بأن إسكات الطفلة لن يفوت عليك الصلاة في الوقت.
وعلى كل حال، فالمفتى به عندنا أن من ترك الصلاة عمدا تهاونا حتى خرج وقتها لا يكفر، وانظر الفتوى: 162523.
والله أعلم.