عنوان الفتوى : مذنب في حق زوجته وحق ابنته
أعيش في بلد أوربي ويعيش زوجي في بلد عربي، اشترطت لإتمام الزواج أن يأتيني كل شهرين, ووافق هو. ولكن بعد الزواج في كل مرة يماطل بحجة العمل أو الضيوف وأظل أستجدي حقي إلى أن يأتيني بعد 4 أشهر في أحسن الأحوال(وهو يعلل هذا أن سيدنا عمر وضع هذه الفترة للمجاهدين) , حتى وصلت إلى أن رأيته مرة واحدة السنة السابقة, وهذا بعد أن تشاجرت معه وربما تجاوزت قليلا بسبب منطقه المغلوط وتجاهله لحاجتي له. وبسبب أنه متزوج هناك, لم نتمكن من تسجيل الزواج رسميا ونصحنا أحد المحامين بأن لا نذكر رسميا زواجنا ولكنه لم يلتزم بهذا, مما أدى إلى منعه من دخول بلد إقامتي السنة السابقة, الآن لي طفلة منه وهو يمنعني من زيارة بلد إقامته(فضلا عن عيشي هناك) لأنه يريد أن ينفذ العهد الذي قطعه لزوجته الأولى بعدم جمعي وإياها في بلد واحد (مع أن عهده لها كان بعد زواجنا) كما عاهدها بحرماني من الإنجاب منه(وهذا قبل أن تعلم أني كنت حاملاً بالفعل).لي عدة أسئلة بهذا الخصوص لو تكرمتم1- هل تجب عليه نفقتي وطفلتي منه أسوة بزوجته الأولى؟ 2- هل يحل له أن يجيب طلب زوجته الأولى بعدم دخولي بلد إقامتها وكذلك حرماني من الإنجاب؟وذلك لتطييب خاطرها ومنعا للمشاكل على حد قوله.3-هل إذا سألت أحدا أن يكلمه أعتبر مفشية للأسرار الزوجية؟ وما الدليل؟4-في كل مرة أذكره بحقي وابنته منه أو بطول مدة غيابه يقول (فاتقوا الله ما استطعتم), فهل قياسه هذا صحيح؟5-الآن يطلب مني أن يراني كل 6 أشهر بحجة أنه يكره السفر الطويل!! وأنا متأكدة أنه حتى لو وافقت سيماطل إلى أن تصبح 8 وهكذا دواليك , فماذا أفعل؟هل أصبر وأتركه يؤذيني بهجره ويعطيني من حقي بمزاجه كما وكيفا؟ وما ذنب الطفلة التي تعيش كاليتيمة؟ أم أصر على حقي, مما سيكدر الأجواء بيني وبينه؟ أم أتركه فترة لعله يحس بخطئه لا أعلم أي ذلك أتبع؟ فماذا أفعل إن منع هذه السنة أيضا من دخول بلد إقامتي, وزوجته تمنعني من بلدها؟أفتوني وأرشدوني جزاكم الله خير وبارك في علمكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأولاً نسأل الله لهذه الأخت الكريمة أن يكشف كربها، وييسر أمرها، وأن يهدي زوجها هذا للقيام بحقوقها الواجبة عليه.
وأما ما سألت عنه، فلا ريب أنه يجب على زوجك أن ينفق عليك وعلى ابنته منك، لقوله صلى الله عليه وسلم: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. رواه مسلم.
ولقوله جل وعلا: وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (البقرة: من الآية233)، والنفقة تجب للزوجة على زوجها بمجرد أن تمكنه من نفسها سواء استمتع بها أم لا، كما يجب على الزوج أن يطأ زوجته بالمعروف بقدر كفايتها ما لم يضره في بدنه أو في معيشته من غير تقدير لمدة، كما هو قول شيخ الإسلام ابن تيمية، وذهب الحنابلة إلى أنه يجب عليه الوطء في كل أربعة أشهر مرة، أيضاً لا يجوز له الغيبة عنها مدة تضرها بدون عذر، قال ابن قدامة في الكافي: فإن غاب عنها أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك إن لم يكن عذر، فإن أبى وطلبت الفرقة فرق بينهما. ا.هـ
وذكر أيضاً قولا في مذهبهم أن للمرأة الفسخ بالغيبة المضرة بها، ولو لم يكن الزوج مفقوداً كما لو كوتب فلم يحضر بلا عذر.ا.هـ
وعليه؛ فتعلل زوجك عن عدم المجيء إليك بأنه يكره السفر الطويل، أو احتجاجه بقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (التغابن: من الآية16) ليس عذراً له، بل تقوى الله في أداء حقوق الناس، وعلى رأسهم الزوجة، كما أن تظلمك من هذا الوضع جائز وسائغ، ولا محذور منه، ولقد كانت النسوة يأتين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيشكين أزواجهن فلا يُزجرن ولا ينهين عن ذلك، بل سجل الله شكوى إحداهن في القرآن الكريم، فهي تتلى إلى يوم القيامة، كما قال تعالى: قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ(المجادلة: من الآية1)، المقصود أن لك أن تطالبي بحقك كاملاً من زوجك هذا، ومن هذه الحقوق حقك في الإنجاب فلا يجوز لزوجك منعك منه، وراجعي في هذا الحق الفتوى رقم: 31369.
وإن رأيت أن تتنازلي عن هذه الحقوق وتتربصي بزوجك عسى أن يهديه الله ويؤدي ما عليه من الحقوق فلك هذا، ونسأل الله أن يعينك ويصبرك.
وأما زوجك فعليه أن يتقي الله ويعلم أنه مذنب في حقك وحق ابنته، ويجب عليه أن يعطيكما حقكما الذي أمر الله به، قبل أن يقبل على الله وهو مضيع لهذه الحقوق ولات ساعة مندم.