عنوان الفتوى : هل من الاحتكار منع الشركات من الانتفاع بالبرامج دون إذن أو تقييد استخدامها؟
السؤال
ما حكم برامج الكمبيوتر المقرصنة مع أخذ هذا الأمر في الاعتبار: بالنسبة للبرامج المقرصنة، فأنا أعلم أنه لا يحلّ استغلال حقوق الآخرين -سواء لانتفاع مادي أم غير مادي بغير إذنهم-، ولكني أضطرّ لفعل ذلك بسبب احتكار بعض شركات البرامج، وسأوضح المقصود بذلك:
في عالم برامج الحاسب يوجد ما يسمى بالبرامج مفتوحة المصدر، وهي ليست مجانية بالضرورة، ولكنها تتميز بأنها تتيح الكود البرمجي لنسخة البرنامج، وهذا لا يضرّ الشركة المنتجة للبرنامج؛ لأنه لا يستطيع أن يستفيد من الكود سوى من لديه علم يكافئ أو يزيد على علم أصحاب هذا الكود البرمجي، وفائدة نشر الشركة المنتجة لهذا الكود البرمجي أن تتيح للشركات المنافسة إنتاج برامج تدعم وتتكامل مع برامج الشركة الأولى.
مثال: أنا أعمل على برنامج الفوتوشوب، وهو ليس مفتوح المصدر، وهذا البرنامج له بدائل، لكنها لا تستطيع أن تدعمه، أو تتكامل معه؛ لأن الكود البرمجي له مجهول، فأضطر حينها لاستخدام برنامج الفوتوشوب؛ لأنني أتعامل مع عملاء يستخدمونه، وليس لديّ إمكانية استخدام بديل لهذا البرنامج أرخص منه، أو منافس له بأي شكل؛ لأن البرامج الأخرى لا تستطيع دعم ملفات هذا البرنامج، فهل هذا نوع من الاحتكار؟ وما حكمه بالنسبة للشركة التي تقوم به؟ وما حكم استخدامي لبرامج مسروقة مضطرًا؛ بسبب هذا النوع من الاحتكار، وقتل المنافسة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي المسألة خلاف، والمفتى به لدينا هو قول جمهور العلماء المعاصرين من أنه لا يجوز استعمال البرامج المقرصنة؛ لما في ذلك من الاعتداء على حقوق أصحابها فيها، والضرورة لا تسقط حق الغير، وضمان ما اعتدي عليه من حقه، مع أنه لا ضرورة فيما ذكر.
ومنعهم من الانتفاع بتلك البرامج دون إذن، أو تقييدهم له؛ لتنتفع به الشركات المنافسة دون غيرها، لا يعتبر احتكارًا ممنوعًا.
ومع ذلك؛ فمن قلّد أحدًا من أهل العلم المعتبرين في جواز استعمال تلك البرامج، وخاصة للنفع الشخصي دون التكسّب؛ فيرجى ألا يلحقه إثم، وانظر للفائدة الفتوى: 416653.
وللفائدة؛ فالاحتكار المذموم الذي يتكلم عنه الفقهاء هو أن يشتري الشخص الطعام ونحوه من السلع في وقت الغلاء، وحاجة الناس إليها، ثم يتربّص ليزداد ثمنها، جاء في أسنى المطالب: فيحرم الاحتكار، وهو: إمساك ما اشتراه في وقت الغلاء، لا في وقت الرخص؛ ليبيعه بأكثر مما اشتراه به عند اشتداد الحاجة، بخلاف إمساك ما اشتراه من وقت الرخص لا يحرم مطلقًا. انتهى.
ولمزيد من التفصيل، انظر الفتوى: 30462.
والله أعلم.