عنوان الفتوى : علم الأجنة بين أرسطو والعلم الحديث والقرآن الكريم
هل صحيح أن علماء الإغريق القدامى مثل أرسطو اكتشفوا كيف يتم تكوين الجنين في بطن أمه؟أي قبل نزول القرآن على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟ لأن هناك شخصاً هندوسياً تحدى القرآن وأبطل كون القرآن كتاباً علمياً وأنه سبق الكثير من العلوم الحالية في اكتشافاته مثل تكوين الجنين...؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الكلام في نشأة الجنين في بطن أمه قديم قدم علم النفس والفلسفة، لأن الناس تكلموا عن الإنسان من جميع جوانبه، وتكلم في ذلك الفلاسفة والأطباء والحكماء من الإغريق والمصريين القدماء وغيرهم، وكان كلامهم في ذلك ضرباً من التخمين والتخرص، انبنى على السحر والشعوذة أو قياس الجنين البشري على أجنة الحيوانات والطيور، وأول من أفرد علم الأجنة ببحث خاص هو أرسطو بناه على ملاحظاته على كثير من أجنة الطيور والحيوانات، وهو في بحثه ذلك لخص معتقدات أهل زمانه وحصرها في نظريتين تبنى إحداهما:
الأولى: وهي أن الجنين يكون جاهزاً في ماء الرجل، فإذا وصل ماء الرجل إلى الرحم نما كما تنمو البذرة في الأرض آخذاً غذاءه من الرحم.
الثانية: أن الجنين من دم الحيض، حيث يقوم المني بعقده مثلما تفعل الأنفحة باللبن فتعقده وتحوله إلى جبن، وليس للمني في إيجاد الولد دور وإنما له دور مساعد، وقد أيد أرسطو هذه النظرية الأخيرة.
وهكذا استمر الجدل بين أنصار النظريتين إلى أن اخترع الميكروسكوب عام 1677 واكتشف الحيوان المنوي، وهكذا توالت الأبحاث حتى عرف العلم الحديث أن الجنين يتكون بامتشاج واختلاط نطفة الذكر ونطفة الأنثى، وتم التأكد من ذلك في بداية القرن العشرين.
بينما نجد القرآن الكريم أكد بصورة دقيقة أن الإنسان خلق من نطفة مختلطة سماها "النطفة الأمشاج" كما قال الله تعالى: إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا [الإنسان:2]
وبهذا تعلم أن كلام أرسطو وغيره في نشأة الجنين وتخلقه ضرب من الأوهام والسخافات، وأن تلميذ الإعدادية والثانوية اليوم يعرف من العلوم التي تخص الجنين ما لم يك يخطر بعقل أرسطو والفلاسفة الآخرين.
وتعلم أيضاً أن القرآن الكريم عندما يتحدث عن الجنين وتخلقه وتطوره في بطن أمه يقول الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه وأنه يصف الأمر كما هو في الواقع، لأن الذي تكلم بالقرآن هو الله الذي يخلق الجنين فأنى يكون الاختلاف.
وتعلم أن العلم الحديث في هذا الموضوع لم يقدم شيئاً إلا أنه وضح وفصل وقرر ما قاله القرآن الكريم.
والله أعلم.