عنوان الفتوى : حديث المرأة مع شاب حديث الإسلام بهدف تعليمه ونصحه
السؤال
أنا مسلمة عربية أبلغ من العمر 21 سنة، تعرفت إلى شاب أجنبي مسلم حديث الإسلام في مواقع التواصل الاجتماعي، يبلغ من العمر 23 سنة، وفي بادئ أمر حديثنا أردت التعرف إلى كيفية إسلامه، وتبادل الثقافة بيننا فقط، خاصة أنه كان يتعلم العربية، ولديه أصدقاء من بلدي، ويعرف لهجتنا، وله أصدقاء عرب آخرون، بالإضافة لذلك كنت على علم بأن بلده ينظر للإسلام بأنه دين متعصب، وبدأنا بالتكلم بالتدريج، وفي ذلك الوقت أعجبنا ببعضنا، وصرح كل منا للآخر بذلك، لكنني كنت أعلم في قرارة نفسي أن هذا خطأ، فأوضحت له حدود العلاقة بين الشاب والفتاة في الإسلام، وحدود وضوابط التكلم بينهما إلا للضرورة.
تواصلت معه بالكلام عبر الشات فقط، ولم أهاتفه أبدًا، لكنني اكتشفت أنه قد عانى كثيرًا خلال مرحلة دخوله في الإسلام، ولم يخبرني بمعاناته، لكنها مشاكل مع أهله، خاصة والده، ونظرة مجتمعه له، فليس لديه أصدقاء في الحياة الواقعية، وعائلته لا تسمح له بالخروج، وقد كانت عائلته كلها ضده في اتخاذ هذا القرار، وسببوا له الكثير من المشاكل، لكنه بقي ثابتًا على قراره وإيمانه، وأمّه كانت لا تسمح له بصيام رمضان إلا بعد إصرار منه وإلحاح، وقد كان يصوم بالسر، وهذا ما صرح لي به مؤخرًا، وقد دخل الإسلام منذ سبع سنوات.
من خلال محادثتي معه اكتشفت أنه شخص حساس، وكنت أتواصل معه في حدود، وتكلمت معه يوميًّا، وأحيانًا بعد أسابيع بحكم ارتباط كل منا بدراسته، وفي مرحلة ما أحببته حقًّا لصدقه، وصبره، وإخلاصه، وثباته على الدِّين رغم كل الظروف، وأخبرني بحبّه، وأخبرته بحبّي له، ووضّحت له أنني -رغم حبّه- يستحيل أن أتكلم معه في أمور الحب والغراميات، أو أن أكون خليلته، وأخبرني أنه لو كان في بلدي لتقدم للزواج، وأنا أفهم قصده، فهو يريد أن يتزوج امرأة مسلمة، ولم أفكّر أبدًا بالتلاعب بمشاعره أبدًا، فقلت له أيضًا: لو كانت الأمور مختلفة، لأعطيته فرصة للتقدم لي، فتفهّم وجهة نظري، أي أنني أخبرته بنيتي نحوه، وهو كذلك، لكنني أخبرته أن الأمور يجب أن تتوقف هنا، وأن يبقى الكلام بيننا كما كان وفقًا للضوابط الشرعية، واستغفرت الله على ما بدر مني سابقًا.
وفي هذه الأثناء كنت أمدّه بمعلومات عن الدِّين، وأنصحه في بعض الأمور، فأصبحت أبحث عن كيفية التعامل مع المسلمين الجدد، والعمل على إفادته بمعلومات دِينية، وفي تعلم اللغة العربية، وهذا ما بيننا لحد الآن فقط، وما زلت أُكِنّ له الحب، لكن الذي أصبح بيننا هو الاحترام المتبادل، وأصبح كلامنا قليلًا وفقًا للضوابط الشرعية، فقد غيّرت زاوية النظر لهذه العلاقة -والحمد لله-.
وقد كان هو سببًا في بحثي عن الدِّين، وتغيير وجهة نظري لأمور مختلفة، فهل لا زال الذي بيننا محرمًا رغم ضبط كلامنا مع بعض؟ وإذا كان الجواب: نعم، فماذا أفعل؟ وكيف أوضح له ذلك؟ فأنا لا أريد قطع كل هذا مرة واحدة؛ لأن هذا سيسبب له أزمة نفسية، ولا أريد أن يحدث ذلك، إلا أن يكون آخر شيء أفكر أن أعمله؛ لأنه أتاه الخذلان من كل أهله وأصدقائه، وسبيله الوحيد هو أصدقاؤه على مواقع التواصل الاجتماعي.
وإذا كان الجواب: لا، وأنّ بإمكاني التواصل معه وإفادته، فأريد اقتراحات لكتب عن التعامل بين المسلمين، وخاصة حديثي الإسلام، مثل كتاب: كيف أعاملهم، وأريد نصائح ترشدوني بها. جزاكم الله خيرًا، وبارك في جهودكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن هذا الرجل أجنبي عنك، وقد أصبت فيما ذكرت من أن حديثك إليه لا يجوز إلا في حدود الحاجة، ومع مراعاة الضوابط الشرعية، وذلك سدًّا للذريعة، وإغلاقًا لأبواب الفتنة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 21582. ونرجو أيضًا مراجعة الفتوى: 35047، ويستوي في هذا الحديث من خلال الدردشة، أو من خلال الهاتف، أو غير ذلك.
وواضح مما ذكرت أنك توسعت في الحديث إلى هذا الرجل؛ حتى وصل إلى حد إخبار كل منكما بحبه الآخر، والإعجاب به، وهذا مما لا يجوز شرعًا.
ولا يسوّغه حرصك على نصحه، وتعليمه أمر دِينه، وثباته عليه.
وفي أمر الدعوة ينبغي أن يتولى الرجل دعوة الرجل، وأن تتولى المرأة دعوة المرأة؛ لأن هذا أحوط، وأبعد عن أسباب الفتنة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 132576.
فالواجب عليك التوبة إلى الله سبحانه، وشروط التوبة بيناها في الفتوى: 5450.
ويجب عليك قطع العلاقة معه.
ويكفي توجيهه بالتواصل مع بعض الجهات والمؤسسات الشرعية، كالمراكز الإسلامية.
وكذلك يمكن إرشاده إلى الاستفادة من المواقع الإسلامية الموثوقة -ومنها موقعنا إسلام ويب-، وسيجد -إن شاء الله- ما يحتاج إليه من أمر دِينه، إن كان صادقًا في الرغبة في طلب الحق.
والله أعلم.