عنوان الفتوى : هل يقترض بالربا ليدفع فدية ويخرج من السجن؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا سجين، وطلبوا مني فدية مقابل إطلاق سراحي، علما أن المبلغ كبير ولا أملكه، فهل يجوز لي سحب قرض ربوي لأدفعه مقابل إطلاق سراحي؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.

أولا:

هل يباح الربا للضرورة؟

الربا محرم تحريما شديدا، وهو من كبائر الذنوب، ولا يباح إلا للضرورة.

جاء في " الموسوعة الفقهية " (6/167) أنه يجوز للمضطر أن يتعامل بالربا للضرورة ، "فيأثم المقرض دون المقترض" انتهى.

والضرورة تتعلق بضرر يقع على دينه أو بدنه أو عقله أو عرضه أو ماله.

قال أبو عبد الله الزركشي رحمه الله:

فالضرورة: بلوغه حدّاً إن لم يتناول الممنوع هلك، أو قارب. كالمضطر للأكل، واللبس؛ بحيث لو بقي جائعاً أو عرياناً لمات، أو تلف منه عضو، وهذا يبيح تناول المحرم.

والحاجة: كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكل لم يهلك، غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح المحرَّم" انتهى من " المنثور في القواعد " (2/319).

وجاء في " نظرية الضرورة الشرعية " ص 67 : "الضرورة : هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر ، أو المشقة الشديدة ؛ بحيث يخاف حدوث ضرر أو أذى بالنفس أو بالعضو أو بالعرض أو بالعقل أو بالمال وتوابعها ، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام ، أو ترك الواجب أو تأخيره عن وقته ، دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع " انتهى .

ثانيا:

هل يعتبر سجن الشخص بغير حق ضرورة؟

سجن الإنسان بغير حق، يعتبر ضرورة تبيح له الاقتراض بالربا إذا لم يجد وسيلة غير ذلك التخلص من الحبس.

وأما إن كان سجنه بحق، فليس له رخصة في التعامل بالربا.

وقد نص الفقهاء على مثل هذا في مواضع.

قال في "كشاف القناع" (1/ 513): في الترخص بقصر الصلاة:

" (أو حبس ظلما، أو حبسه مطر أو مرض ونحوه) كثلج وجليد (قصر أبدا)؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة. رواه أحمد وأبو داود والبيهقي، وقال تفرد معمر براويته مسندا، ورواه علي بن المبارك مرسلا.

ولما فتح النبي - صلى الله عليه وسلم - مكة أقام فيها تسع عشرة يصلي ركعتين رواه البخاري . وقال أنس : أقام أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة . رواه البيهقي بإسناد حسن.

قال ابن المنذر: أجمعوا على أن المسافر يقصر ما لم يجمع إقامة، ولو أتى عليه سنون .

وروى الأثرم عن ابن عمر أنه أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة، وقد حال الثلج بينه وبين الدخول.

فإن حبس بحق: لم يقصر" انتهى.

وقال في تحلل المحرم بالحج إذا حبس (2/526) : "(ومن حبس بحق أو دين حالٍّ) وهو (قادر على أدائه، فليس له التحلل) ؛ لأنه ليس بمعذور.

فإن كان عاجزا عن أدائه، فحبس بغير حق: فله التحلل؛ لما مر" انتهى.

وذكر الفقهاء مسائل كثيرة تنبني على التفريق بين من حبس ظلما ومن حبس بحق، فالأول له الترخص بخلاف الثاني.

واعلم أن العلماء يقولون: " إن الضرورة تقدَّر بقدرها " ، ومعنى ذلك – في حالتك -: أنه لا يجوز لك أن تقترض بالربا إلا القدر الذي تخرج به من السجن، ولا يجوز لك الزيادة عليه.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (94823

والله أعلم.