عنوان الفتوى : ما حكم صلاة التراويح أربعًا بتشهدين أو تشهد واحد؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

في كل مكان في اسطنبول، تُصلَّى صلاة التراويح؛ أربع ركعات بتشهّدين، وتسليمة واحدة، الإمام يقرأ جهرا في جميع الركعات الأربعة، يفعل ذلك خمس مرات، لذا فهي عشرون ركعة، فهل يمكنك أن تعطي شرحًا مفصّلاً إذا كان هذا خاطئًا؛ حتى أتمكن من إظهاره للآخرين؟ وهل ينبغي أن نصلّي معهم في المسجد؟ بالنسبة للوتر فإنهم يصلّونه بشكل طبيعي إلا في الركعة الأخيرة بعد قراءة الفاتحة وقراءة سورة، يكبّر الإمام لكنهم في نفس الوضع، وأعتقد أنهم يقومون بالدعاء لكن أيديهم في نفس المكان، ويكبّر الإمام، ثم يركع وهلمّ جرا، فهل هذا صحيح وجائز؟ وإذا لم يكن كذلك، فهل يمكنك تقديم شرح مفصّل عن السبب؛ حتى أتمكن من شرحه للآخرين؟ هل يمكنني أن أصلي صلاة الليل في البيت للحصول على هذا الأجر المذكور في الحديث، وإن كان كذلك، فما هو الحدّ الأدنى من الركعات؟

مدة قراءة الإجابة : 8 دقائق

الحمد لله.

أولا:

السنة في صلاة التراويح وقيام الليل عامة أن يصلي الإنسان ركعتين ركعتين، يسلم بعد كل ركعتين، ثم يوتر؛ لما روى البخاري (472) ومسلم (749) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ مَا تَرَى فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ قَالَ: (مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً فَأَوْتَرَتْ لَهُ مَا صَلَّى).

فهذا قوله صلى الله عليه وسلم، وهو كذلك فعله.

وما جاء عن عائشة رضي الله عنها من أنه كان يصلي أربعا، فمرادها أنه يسلم من كل ركعتين، ولكن يستريح قليلا بعد الأربعة.

قال ابن بطال رحمه الله: "قول عائشة رضي الله عنها (يصلى أربعاً) ذلك مُرَتَّب على قوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل مثنى مثنى)؛ لأنه مفسِّرٌ وقاضٍ على المجمل، وقد جاء بيان هذا في بعض طرق هذا الحديث، روى ابن أبى ذئب، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة، قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالليل إحدى عشرة ركعة بالوتر، يسلم بين كل ركعتين) [رواه مسلم]" انتهى من "شرح صحيح البخاري" (3/ 142).

ثانيا:

أما صلاة التراويح أربعا بسلام واحد وتشهد واحد أو تشهدين، فمكروه عند أكثر العلماء، ومحرم عند بعضهم، خلافا للحنفية القائلين بمشروعية ذلك.

قال العدوي المالكي رحمه الله: "يُسَلِّم من كل ركعتين، أي يندب، ويُكره تأخير السلام بعد كل أربع" انتهى من "حاشية العدوي" (3/442).

وقال الخطيب الشربيني الشافعي رحمه الله: "لو صلى أربعاً بتسليمة: لم تصح؛ لأنه خلاف المشروع، بخلاف سنة الظهر والعصر، والفرق بينهما أن التراويح ، لمشروعية الجماعة فيها ، أشبهت الفرائض؛ فلا تغير عما وردت" انتهى من "مغني المحتاج" (3/159).

وقال البهوتي الحنبلي رحمه الله: "أو زاد على اثنتين ليلاً، ولو جاوز ثمانياً، علم العدد أو نسيه، بسلام واحد، كُرِه، وصح" انتهى من "كشاف القناع" (3/308).

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله: " بعض الأئمة في صلاه التراويح يجمعون أربع ركعات أو أكثر في تسليمة واحدة، دون جلوس بعد الركعتين، ويدعون بأن ذلك من السنة، فهل لهذا العمل أصل في شرعنا المطهر؟

فأجاب: هذا العمل غير مشروع، بل مكروه أو محرم عند أكثر أهل العلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى متفق على صحته من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ولما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل اثنتين ويوتر بواحدة متفق على صحته، والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

وأما حديث عائشة المشهور: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعا، فلا تسأل عن حسنهن وطولهن الحديث متفق عليه، فمرادها أنه يسلم من كل اثنتين، وليس مرادها أنه يسرد الأربع بسلام واحد لحديثها السابق، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: صلاة الليل مثنى مثنى ، كما تقدم، والأحاديث يصدق بعضها بعضا، ويفسر بعضها بعضا، فالواجب على المسلم أن يأخذ بها كلها، وأن يفسر المجمل بالمبيِّن" انتهى من "فتاوى ابن باز" (30/38).

أما الحنفية فذهبوا إلى جواز ذلك من غير كراهة.

قال الكاساني الحنفي رحمه الله: "تجديد التحريمة لكل ركعتين ليس بشرط عندنا، هذا إذا قعد على رأس الركعتين قدر التشهد، فأما إذا لم يقعد فسدت صلاته عند محمد، وعند أبي حنيفة وأبي يوسف يجوز". "بدائع الصنائع" (3/151).

وقال القدوري الحنفي رحمه الله تعالى: "إذا صلى أربعا فإنه : يأتي بالتكبيرة الثالثة، وهذه التكبيرة مساوية للتكبيرة التي يدخل بها... وأما القعدة : فإنها واجبة في إحدى الروايتين.

وقد قالوا: إن من السنة إذا قام إلى ثالثة النفل أن يستفتح، فأما السلام، والتشهد، والصلاة: فليست بواجبة عندنا، وإنما هي مسنونة، فيأتي بها في القعدة الأولى والثانية في النفل " انتهى من "التجريد" (2 / 822).

وعلى ذلك؛ فلو صلى الإنسان خلف إمام يصلي التراويح أربعا بسلام واحد فلا حرج عليه، لا سيما في البلاد التي يشيع فيها المذهب الحنفي؛ وإن كان لا يفعل ذلك هو ابتداء، لو صلى لنفسه، أو صلى هو بالناس إماما.

وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (314184) .

ثالثا:

صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهدين كالمغرب: منهي عنه، وأقل أحوال ذلك الكراهة، ولكن لو صلى الإمام كذلك، فلا حرج في الصلاة خلفه، كما بينا في جواب السؤال رقم: (38230)، ورقم: (66613). 

ولا حرج كذلك في كون القنوت قبل الركوع، سرا أو جهرا.

وأما التكبير قبل القنوت: فهو مروي عن بعض الصحابة، منهم عمر وعلي رضي الله عنهما، وهو مذهب الحنفية ورواية عن أحمد، وهو من الخلاف السائغ.

وقد تبين مما سبق أنه لا حرج في الصلاة خلف من يصلي التراويح أربعا، ويقنت بثلاث كالمغرب، ويكبر قبل القنوت.

والأولى اتباع السنة التي أخذ بها جمهور الفقهاء.

رابعا:

أقل القيام ركعتان، فمن أتى بهما مع الصلاة العشاء والفجر في الجماعة، رجي له تحصيل الثواب الوارد في حديث: (مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) رواه البخاري (37)، ومسلم (759).

قال النووي رحمه الله: " واعلم أن فضيلة القيام بالليل، والقراءة فيه: تحصل بالقليل والكثير، وكلما كثر، كان أفضل؛ إلا أن يستوعب الليل كله، فإنه يكره الدوام عليه، وإلا أن يضر بنفسه.

ومما يدل على حصوله بالقليل: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قام بعشر آيات لم يكتب من الغافلين ، ومن قام بمائة آية كتب من القانتين ، ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين) رواه أبو داود وغيره ، وحكى الثعلبي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (من صلى بالليل ركعتين فقد بات لله ساجدا وقائما)" انتهى من "التبيان في آداب حملة القرآن" ص65.

والله أعلم.