عنوان الفتوى : انتقل لمذهب أهل السنة، وعائلته لا تعلم، ويجد صعوبات في العبادة.
عائلتي من الشيعة الإثنى عشرية، وما زلت أعيش معهم، تركت التشيع وعائلتي لا تعلم، بدأت أجد صعوبة في الوفاء بالتزامات معينة بينما أخفي ذلك عن عائلتي، على سبيل المثال: أجد صعوبة في الصلاة في المنزل، لذلك أصلي معظم الصلوات في المسجد، لكن ينتهي بي الأمر بالكذب على أمي، مع تأخير صلاة العشاء والمغرب، ويصعب البقاء في الخارج لوقت متأخر، لكن يجب أن أصلي، أريد أن أعرف ما هو حكم الهروب؟ أنا خائف من عواقب اكتشافهم لأمري أثناء وجودي في المنزل، أفضّل إخبارهم عندما لا أكون في المنزل، ما زلت أتعلم عن المعتقدات، ولا أشعر أنني أمتلك العلم الكافي لدحض الحجج في هذه المرحلة. وقبل أربع سنوات، أعتقد أنني وصلت إلى النِّصاب، باعتبار أنّني قد اهتديت مؤخرا، فهل تجب عليّ زكاة تلك السنوات الأربع؟ الأموال موجودة على البطاقة المصرفية من حساب يمكن لأمّي ويمكنني الوصول إليه ، وأسألها متى أريد شراء شيء ما، أمّي ترى المعاملات على تطبيقها، أقوم حاليًا بادخار المال الذي تعطيني إياه أمي لدفع الزكاة. كما أريد أن أصلي التراويح، لكن لا أستطيع، وأنا أعيش هنا، فهل أهرب من البيت؟
الحمد لله.
أولا:
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك، ونسأله لك الثبات وأن يهدي أهلك ومن تحب.
وإذا كنت تخشى من عاقبة اطلاعهم على تسننك، فلك إخفاء ذلك، ولا حرج لو صليت على هيئة صلاتهم ما دمت لا تترك ركنا ولا واجبا، وذلك كسدل اليدين، فإن وضع اليمنى على اليسرى سنة ليس واجبا، فلا حرج لو سدلت، وكرفع اليدين عند الركوع والرفع منه، فذلك سنة أيضا، وكضرب اليدين على الفخذين عند السلام، فإن هذا الضرب لا يؤثر على صحة صلاتك، وكذا لو كانوا لا يلتفتون في السلام يمينا وشمالا، فإن الواجب هو التلفظ بالسلام، وأما الالتفات يمينا وشمالا فسنة.
قال في "كشاف القناع" في بيان سنن الصلاة (1/ 362): " (والالتفات سنة) قال أحمد: ثبت عندنا من غير وجه أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يسلم عن يمينه ويساره، حتى يُرى بياضُ خده (ويكون) التفاته (عن يساره أكثر)؛ لفعله صلى الله عليه وسلم؛ رواه يحيى بن محمد بن صاعد عن عمار قال: كان يسلم عن يمينه حتى يُرى بياضُ خده الأيمن، وإذا سلم عن يساره يُرى بياض خده الأيمن والأيسر؛ فيلتفت (بحيث يُرى خداه" انتهى.
وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (201740)، ورقم: (203951)، ورقم: (341075).
ثانيا:
أما ترك المنزل ومفارقة الأهل، فهذا ينبني على إمكان أن تعيش مستقلا عنهم ماديا، ثم ما يترتب على خروجك من جهتهم، هل يلحقك أذى أم لا. فلابد من المقارنة بين المصالح والمفاسد في هذه المسالة قبل اتخاذ قرار فيها.
فإن صعب عليك أمر إخفاء عبادتك، وتسننك، وأمكن أن تفارقهم، ولو لمدة تتمكن فيها من تعلم دينك، والاستقلال في شؤونك عن الاعتماد على أسرتك، ووجدت بيئة صالحة تعينك، سواء كان مركزا إسلاميا قريبا منك، أو رفقة صالحة من المسلمين يمكنك أن تعيش بينهم وتحافظ على دينك وتسننك: فينبغي لك أن تخرج عنهم، وتفر من رقابتهم على دينك، أو فتنتهم لك.
والابن إذا بلغ ؛ جاز له الانفراد عن والديه.
قال ابن قدامة رحمه الله: " ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل أو المعتوه , فأما البالغ الرشيد , فلا حضانة عليه , وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه , فإن كان رجلا , فله الانفراد بنفسه , لاستغنائه عنهما , ويستحب أن لا ينفرد عنهما , ولا يقطع بره عنهما" انتهى من "المغني" (8/191).
ولا شك أن خروجك يتأكد إذا كان فيه حفاظ على دينك، أو مصلحة راجحة تعود عليك، في دينك، أو دنياك، مع وجوب عنايتك ببر والديك، وصلتهما، بما أمكنك، وقدرت عليه.
ثم متى أمكنك الاستقلال عن الأسرة، ولو بحماية من السلطة في بلد إقامتك، وأمنت فتنتهم لك في دينك، عدت إليهم لتدعوهم إلى السنة والجماعة، بترفق معهم، واستصلاح لحالهم.
وينظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (395134)، ورقم: (160704).
ثالثا:
إذا كان لديك مال يبلغ النصاب وهو ما يعادل 595 جراما من الفضة، وحال عليه الحول، فالزكاة واجبة عليك فيما مضى من السنوات، وعليك معرفة الرصيد كل سنة وإخراج الزكاة عن ذلك، فإن الزكاة لا تسقط بالتقادم.
وإذا لم تستطع إخراج كل ما عليك، فإنه يبقى دينا في ذمتك، فمتى تيسر لك الإخراج أخرجت.
رابعا:
أما التراويح فهي مستحبة وفيها فضل عظيم، فاجتهد أن تجد عذرا للخروج من بيتك أو السفر أياما، فتتمكن بذلك من أدائها.
فإذا لم تستطع فلا شيء عليك، ونسأل الله أن يكتب لك أجرها لحرصك عليها، وقد روى البخاري (4423) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَعَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ فَدَنَا مِنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ: (إِنَّ بِالْمَدِينَةِ أَقْوَامًا مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا كَانُوا مَعَكُمْ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَالَ وَهُمْ بِالْمَدِينَةِ حَبَسَهُمْ الْعُذْرُ).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح: " وَفِيهِ أَنَّ اَلْمَرْءَ يَبْلُغُ بِنِيَّتِهِ أَجْرَ الْعَامِلِ إِذَا مَنَعَهُ اَلْعُذْر عَنْ اَلْعَمَلِ " انتهى.
والله أعلم.