عنوان الفتوى : أعطى مالا لصديقه ليتجر فيه، فمات، ووالده لا يريد السداد، ماذا يعمل، وهل تجب عليه الزكاة؟
أعطيت صديقي مبلغا كبيرا من المال، على أن يتم تشغيل المبلغ في التجارة في كثير من المجالات، والعائد يتم تقسيمه بيننا بنسبة معينة، وبعد فترة لا تتجاوز ال 4 شهور تم قتله على يد شخص، وكان القاتل يدين لصديقي رحمه الله بمبلغ كبير جداً، وهو الآن في السجن، و محكوم عليه بالإعدام، تواصلت مع والد صديقي رحمه الله على أن يعطيني هذا المبلغ، وقال لي: إن ذلك المبلغ لا يعتبر ديناً عليه، وأنه لا يعرف أي شيء عن هذا المال، واذا لجأت للقانون فسوف يوزع ممتلكاته حتي لا يسدد هذا المبلغ، فماذا أفعل؟ وهل يعتبر هذا المال ديناً أم لا؟ وهل يجب علي إخراج زكاة لهذا المال أم لا؟
الحمد لله.
أولا:
إذا كان المبلغ دخل في تجارة لم تخسر، ثم مات القائم عليها، فالواجب تصفية هذه التجارة، ورد رأس المال، وحظه من الربح.
فإن خسرت بتفريط من القائم عليها، لزمه رد رأس المال، وكان دينا في ذمته.
ثانيا:
الدين على الميت يجب سداده من تركته، إن ترك شيئا، وذلك مقدم على الإرث، ويحرم على الورثة المماطلة في ذلك؛ لقوله تعالى في قسمة المواريث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ النساء/11.
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره (2/ 201) " الدين مقدم على الوصية، وبعده الوصية ثم الميراث، وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء" انتهى.
ولكن لا يلزم الورثة سداد الدين بمجرد الدعوى، إذا جحد الوالد ثبوت الحق عند ابنه؛ بل يلزم وجود ما يثبت ذلك بشهادة شاهدين، أو شاهد ويمين منك، أو بخط الميت المعروف.
ولك أن تلجأ إلى القانون إن كان معك ما يثبت حقك، فإن فرق الأب ممتكلات ابنه لحرمانك من حقك باء بالإثم.
وأما إذا لم يترك الميت شيئا، فلا يلزم الورثة السداد عنه، ولكن يستحب ذلك لتخليص ذمته من الدين.
وينظر: جواب السؤال رقم: (245724).
ثالثا:
لا تلزم زكاة الدين المجحود، أو الذي على معسر أو مماطل إلا عند قبضه، ويزكى عن سنة واحدة، وهو مذهب مالك رحمه الله.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (2/345):
" الضرب الثاني: أن يكون على معسر، أو جاحد، أو مماطل به، فهذا: هل تجب فيه الزكاة؟ على روايتين؛ إحداهما، لا تجب، وهو قول قتادة، وإسحاق، وأبي ثور، وأهل العراق؛ لأنه غير مقدور على الانتفاع به، أشبه مال المكاتب.
والرواية الثانية: يزكيه إذا قبضه لما مضى. وهو قول الثوري وأبي عبيد، لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون، قال: إن كان صادقا , فليزكه إذا قبضه لما مضى. وروي نحوه عن ابن عباس. رواهما أبو عبيد.
ولأنه مملوك يجوز التصرف فيه، فوجبت زكاته لما مضى، كالدين على المليء.
وللشافعي قولان كالروايتين.
وعن عمر بن عبد العزيز، والحسن، والليث، والأوزاعي، ومالك: يزكيه إذا قبضه لعام واحد " انتهى من "المغني" (2/348).
وينظر جواب السؤال (125854)
والله أعلم.