عنوان الفتوى : نذرت أن تصوم سنة متتابعة، فماذا تفعل في رمضان وصيام ست من شوال؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لقد نذرت صياما مدته سنة متتابعة إذا حصلت على مجموع فى ثالثة ثانوى ودخلت الكلية التى أريدها، أنا حصلت على المجموع، ولكننى لم أدخل الكلية، وأجلت الصيام فترة الكلية، وبدأت أصومها منذ يومين ، فهل على كفارة يمين، علما أننى لا أستطيع الإطعام أو الكساء، فإذا وجبت الكفارة، فهل تكون بعد قضاء النذر؟ كما إن رمضان يقترب فهل يجوز إكمال صيام النذر بعده وبعد صيام الست وقضاء أيام رمضان؟

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق

الحمد لله.

أولا :

نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن النذر .

روى البخاري (6608)، ومسلم (1639) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ ، وَقَالَ : (إِنَّهُ لا يَرُدُّ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيل).

ولهذا النهي عدة أسباب، منها: أن بعض الناس يظن أن للنذر تأثيرا في حصول مطلوبه، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم إبطال هذا الظن.

ومنها : أن المسلم يعرض نفسه بذلك للإثم إذا لم يف بما نذره .

وينظر جواب السؤال رقم: (36800).

ثانيا :

إذا نذر المسلم طاعة لله تعالى معلقة على شرط ، فالواجب عليه الوفاء بها إذا تحقق الشرط، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ) رواه البخاري (6696) .

ويتأكد ذلك إذا كان النذر معلقا على شرط ، وقد حصل هذا الشرط .

ثالثا :

النذر هنا معلق على أمرين كما يفهم من سؤالك:

1-الحصول على مجموع.

2-دخول الكلية التي تريدينها.

وقد ذكرت أنك حصلت على المجموع، لكن لم تدخلي الكلية.

فإن كان المجموع لم يؤهلك لدخول ما تريدين، فلم يتحقق شرط نذرك، ولا يلزمك شيء، لا صوم ولا كفارة.

وإن كان المجموع يؤهلك لدخول الكلية التي تريدين، لكنك صرفت نظرك عن ذلك، فإنه يلزمك الوفاء بالنذر؛ لأنه تحقق لك ما تريدين، وعدم دخول الكلية حصل من جهتك.

رابعا:

إذا حصل الشرط المعلق عليه النذر، فإن الوفاء بالنذر يكون واجبا على الفور، ولا يجوز تأخيره إلا لعذر كمرض، لأن الأصل في الواجبات أنها على  الفور.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "هل الوفاء بالنذر على الفور؟

الجواب :

"إذا كان مقروناً بشرط فهو على الفور، من حين يوجد الشرط يجب الوفاء به، وإذا كان مطلقاً ففيه خلاف، والصحيح وجوب الوفاء به فوراً" انتهى من "الشرح الممتع" (15/220).

وإذا أخر المسلم الوفاء بالنذر بلا عذر، فهو مقصر، وعليه التوبة من هذا التقصير، لكن لا كفارة عليه، لأنه قد أتى بالنذر كما نذره، وإنما كان إثمه من أجل تأخير الوفاء ، وليس لعدم الإتيان بالنذر على الصفة التي نذرها. 

خامسا:

من نذر صيام سنة متتابعة ، فإنه لا يدخل في نذره شهر رمضان، ولا يوما العيد وأيام التشريق.

قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (13/649):

"إذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ بِعَيْنِهَا ، لَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ رَمَضَانُ ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ غَيْرَ صَوْمِ رَمَضَانَ ، فَأَشْبَهَ اللَّيْلَ ، وَلَا يَوْمَا الْعِيدَيْنِ –على الأصح- ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ صِيَامِهِمَا ، وَلَا يَصِحُّ صَوْمُهُمَا عَنْ النَّذْرِ ، فَأَشْبَهَا رَمَضَانَ ... وَفِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ رِوَايَتَانِ" انتهى .

والصحيح في أيام التشريق أنها لا تدخل في النذر ، لأن النبي صلى الله علي وسلم نهى عن صيامها . ينظر : "الإنصاف" (28/200) .

وقال أيضا (13/650) : "وإن شرط التتابع صار حكمها حكم المعينة" انتهى .

ومعنى أنها لا تدخل في النذر : أنه لا يلزم الناذر قضاؤها .

سادسا :

وأما أيام الحيض : فإن الفطر فيها لا يقطع التتابع ، ويلزم قضاؤها ، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم (96821).

سابعا:

وأما صيام قضاء رمضان ، وستة أيام من شوال، فإنه يقطع التتابع، لأنه لا ضرورة إليه، فصيام الست مستحب، والوفاء بالنذر مقدم عليه، لأن الواجب مقدم على النفل .

وقضاء رمضان وقته موسع إلى رمضان التالي.

فإن ضاق الوقت على القضاء ، فإنك تصومين القضاء ثم تتمين النذر.

ذكر ابن مفلح في الفروع (11/87) فيمن نذر صوم الدهر ، هل يلزمه في قضاء رمضان أن يكفر عن نذره ؟ قال : "فيها وجهان ، أظهرهما عدم وجوبها" انتهى .

وقال المرداوي في "الإنصاف" (28/202):

"وقال في الرِّعايةِ: وهل يدْخُلُ تحتَ نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ مِن قادِرٍ، قَضاءُ ما أفْطَرَه مِن رَمَضان لعُذْرٍ، وصَوْمُ كفَّارَةِ الظِّهارِ ونحوُ ذلك لعُذْر؟ على وَجْهَين. فإن دخَلَ، ففي الكفَّارَةِ -لكُلِّ يَوْم فَقِير- وَجْهان، أظْهَرُهما : عدَمُها ، مع القَضاءِ؛ لأنَّ النَّذْرَ سقَطَ ، لقَضاءِ ما أوْجبَه الشَّارِعُ ابْتِداءً، ووُجوبُها مع صَوْمِ الظِّهارِ؛ لأنَّه سبَبُه. انتهى" انتهى .

وهذا إذا لم تكوني نويت عدم دخول أيام الحيض في النذر ، فإن كنت نويت عدم دخولها ، فلا يلزمك قضاؤها ، لأن الأيمان والنذور يرجع فيها إلى نية الحالف والناذر .

وخلاصة الجواب :

إذا كان مجموعك لم يف بدخول الكلية التي شرطت في نذرك، فلا يلزمك شيء.

وإذا كنت قد حصلت على المجموع، وتركت دخول الكلية باختيارك: لزمك كفارة النذر.

في حال لزوم النذر؛ فعليك أن تتمي صيام سنة كاملة متتابعة.

فإن جاء رمضان صمت رمضان ، ولا يلزمك قضاء شهر آخر مكانه.

لا تصومين ستة أيام من شوال ، بل تتمين النذر ، لأنه أهم منها.

إذا كنت نويت عدم دخول أيام الحيض في النذر فلا يلزمك قضاؤها ، وإن كنت لم تنوي عدم دخولها ، فيلزمك قضاؤها متصلة بالنذر ، حتى يحصل التتابع ، فإن فعلت ذلك فالغالب أنه سيضيق الوقت على قضاء رمضان ، فتصومين قضاء رمضان قبل دخول رمضان التالي ، ثم تتمين النذر .

والله أعلم .